الثلاثاء، 14 يوليو 2015

رايموند فرانسيس، فَهم المرض ج1

رايموند فرانسيس، فَهم المرض ج1

رايموند فرانسيس، فَهم المرض ج1

لقد أشرْتُ في كتابي “وَدِّع المرض إلى الأبد”، إلى أسلوبٍ للصحة جديد مَبني على مفهوم ثوري للمرض الواحد. مهما بدَت الأمراض عديدة، كثيرة ومختلفة، إلا أنّ جميع الأمراض ليست سوى نتيجة خلل الخلايا. العُطْل الخلوي إذاً هو المرض الوحيد. يؤمنُ الطبّ الحديث بوجود آلاف الأمراض، لكن النظر إلى جميع الأمراض على أنها مرض واحد هو أمر يقدّم لنا فرصة عميقة لأجل أن ننزع الغموض عن المرض ونكتسب سلطة وقدرة عليه.

 

يتميز الوباء الهائل المنتشر في شكلِ أمراض مُزمنة وانتكاسية تجتاح العالم اليوم بأنه اختلال وظيفي عصبي مناعي هرموني هضمي معقد. لنضع التعقيدات جانباً، فإنّ جميع الأمراض تحدث على المستوى الجزيئي والخلوي، ونحن نعرف اليوم عملياً بأنّ جميع الأمراض لديها أسباب عامة وحلول عامة.

 

لا يوجد سوى مرض واحد ولا يوجد سوى سببين للمرض: النقص والتسمم (السمية). عندما تصبح الخلايا في نقصٍ لما تحتاجه أو أنها تتعرض لشيء ضار، فإنّ الخلل أو العطل سيصيبها في كلا الحاليْن. ما لم تتعطّل الخلايا فلا يمكن للمرض أن يحدث. إنّ آلاف الأمراض المختلفة التي نختبرها ما هي سوى نتائج آلاف مجموعات أوجه القصور والسميات التي تعمل من خلال مزيج من الجينات الموروثة والبيئة ومعتقداتنا وأفكارنا ومشاعرنا. إنّ منع و تحويل المرض هو أمر متعلق بمنع وتحويل الخلل/العطل الخلوي.

 

 

مذهلة هي كمية الأمراض الموجودة اليوم في أمريكا. ثلاثة من أربعة أشخاص اليوم في أمريكا يعانون من مرض مُزمِن تمّ تشخيصه. وهذا يحدث بسبب أن جميع الأمريكيين تقريباً هُم في حال من السمية الزائدة ويعانون من نقص مُزمن في واحد من المواد الغذائية أو أكثر. إنّ تعرّضنا الذي لا مثيل له للكيماويات السامة يتسبب في إضعاف الآلية الخلوية مُسَبِّباً عُطلاً خلوياً ومرضاً. لسوف يتسبب النقص المزمن في واحدٍ من المواد الغذائية حتى، بإنقاص باقي المواد الغذائية أجمع، مُتسَبِّباً في عطل خلوي ومرض.

 

 

وبما أنّ كمية النقص والسمية في مجتمعنا مستمرة بالتزايد، فإنّ الأمراض التي اعتادت أن تؤثر في كبار السن هي الآن شائعة ومنتشرة بين الأصغر سناً. يولدُ الأطفال اليوم بأدمغة وأجهزة مناعة فيها نقص. قد أثر السرطان تاريخياً ب0.1 بالمئة من عدد السكان فقط. أصبحت النسبة 3 بالمئة منذ قرنٍ مضى. أما اليوم، فإنّ نصف السكان سوف يصابون بسرطان خلال حياتهم. ما لم نُخضِع هذا الإنتشار للمرض المزمن تحت السيطرة، فإنّ التأثيرات الإجتماعية والإقتصادية على أمتنا ستكون كارثية.

 

 

لحسن الحظّ إننا نمتلك المعرفة للحَدّ من هذا الإنتشار. بإمكاننا من خلال التوجيه لكيفية منع وعكس أو تحويل سَبَبيّ العطل الخلوي، أن نمنع ونعكس جميع الأمراض تقريباً. لكن علينا أولاً أن نعلِّم أهمية المنع حيث أنه الوسيلة الأهم لدينا. دعونا نختبر بعضاً من الأعطال الخلوية التي تعتبر من القواسم المشتركة للمرض ونكتشف كيف بإمكاننا أن نمنعها أو نوقفها. أولاً، دعونا نختبر نسبة الصوديوم/بوتاسيوم في الخلية.

 

إنّ الصوديوم والبوتاسيوم هما من المعادن الهامة لأجل وظيفة الخلية، لكن يجب أن يكونا في حال توازن. تخلق الممارسات الغذائية الحديثة خللاً جدياً في التوازن. لقد استهلك أسلافنا الوجبات الغذائية المنخفضة الصوديوم و العالية البوتاسيوم. قد كانت نسبة الصوديوم والبوتاسيوم الخاصة بهم نسبة صحية 1:4، كنتيجة لتناول الكثير من الفواكه والخضروات الطازجة. قد انقلبَت نسبتنا الحالية لنسبة غير صحية 4:1، وهي نتيجة الكثير من الملح (خاصة في الأطعمة المصنعة) والكثير من القليل من الفواكه والخضروات الطازجة. تعمل الخلايا كما بطاريات صغيرة إذ لديها شحنة كهربائية يتم خلقها بواسطة الإختلاف في كمية البوتاسيوم داخل الخلية وكمية الصوديوم خارجها. من خلال تغيير نسبة الصوديوم والبوتاسيوم في غذائنا، وبناءً على ذلك داخل كل خلية، فنحن نُتلف  “بطارية الحياة” ونتدخل بشكلٍ جاد بالتنظيم الذاتي للجسد وإصلاح الوظائف. على سبيل المثال فإنّ زيادة الصوديوم الغذائي للحيوانات المختبرية سوف تؤدي إلى تسريع أورام السرطان الخبيثة. إنّ منع أو توقيف هذا السبب المشترك للمرض هو أمر بسيط: تناولوا ملحاً أقل وتناولوا المزيد من الخضروات والفواكه الطازجة. هكذا هي سهولة امتلاك قوة للسيطرة على المرض.

 

يتبع…..

رايموند فرانسيس

beyondhealth

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق