الخميس، 11 يونيو 2015

هل أُجْلِيَ الاستعمار حقًّا عن أراضينا؟

 هل أُجْلِيَ الاستعمار حقًّا عن أراضينا؟


لا؛ فالاستعمار لم يُجْل، ولم يرحل عن بلادنا المحتلَّة إلاَّ وقد فرض بدائل استعماريَّة أخرى بديلة لاستعماره العسكريِّ، واحتلاله الأرض، مصمِّمًا وسائل أخرى للتحكُّم والسيطرة وفرض التَّبعيَّة، فعيَّن أذنابًا عُمَلاء، مُخْلصين له بالولاء، ويدينون له بالتبعيَّة، ويُقْسِمون له بالعمل له، وطاعته والحفاظ على ما أرسى ورسَّخ مهشِّمين مدمِّرين مُمهِّدين الأرض والنُّفوس هذه المرَّة للاستعمار القادم.



هؤلاء العُمَلاء والخونة إنَّما يتحدَّثون بلِساننا، ولكنَّهم ليسوا منَّا ولَسْنا منهم، فهم لا يَبْغون خيْرَنا، ولا يهدفون لتطوُّرِنا ورقيِّنا وعِزِّنا، وإنَّما لا ينكرون أنَّهم يَسْحقون كرامتَنا، ويقتلون تاريخَنا، ولا يتورَّعون عن التسلُّل لأبنائنا في كتب التعليم، ولأُسَرنا من شاشات التلفاز، والتغلغل إلى نفوس شبابنا؛ لِفَرض رسوم الطَّاعة والتَّبَعية، وإن لم يكن فللتَّشويه والتشويش.



ثبَّتَهم الاستعمارُ أجيالاً وأجيالاً في الْمَناصب الحسَّاسة؛ سياسيَّة، واقتصاديَّة، وتعليميَّة، وإعلاميَّة، ودينيَّة، فهُم لا ينفكُّون عن تدمير وإعدام كلِّ مُحاولات الخروج من دائرة التبعيَّة للغَرْب، والعبوديَّة للمحتَلِّ التي فرضوها علينا للمستعمر الجزَّار الجلاَّد، العدو السابق، الصَّديق الحليف والأخ "الأكبر" حاليًّا، فيدمِّرون مُحاولات الاستقلال والإصلاح السياسيِّ والاقتصادي، ويتلاعَبون بالإعلام لصالِحهم، مشوِّهين العقول، مسمِّمين الأفكار، كما لا يَنْأَوْن عن تَخْريب التعليم، وتسميم وتشويه وتشويش عقول أجيالنا، وأبنائنا الناشئة، وتَحْطيم معنويَّاتِهم، وزَرْع عُقَد النَّقص فيهم، وزعزعة مبادئهم وثقتِهم بالنَّفس والأُسْرة والمجتمع، وسَلْخهم عن أصالتنا الدينيَّة والحضارية، والتاريخية والفكرية، فهُم يستهدفون الْهُويَّة الحقيقية للشَّباب؛ ليُخضعوا لهم الأجيال القادمة التي ستنسى هُويتها وتاريخَها ودينها.



إنَّ ما يفعلون لن يكتمل إلا بالأعمال المدعوَّة زورًا بالفنِّية، والَّتي لا تَهْدف إلا إلى نَشْر الفساد الأخلاقي، وإفساد المجتمع، وتعميم ثقافة العُرْي والإباحيَّة، والشُّذوذ والخيانة، تحت ستارٍ من حرية الرَّأي والتعبير والفِكْر، وغطاءٍ ثقافِيٍّ عميل من أصحاب الأقلام المسمومة التي تَطْعن في جسد الأُمَّة، والإعلام المضلِّل العميل، الذي ينشر ويَدْعم ويروِّج لهذا الغَثِّ الفاسد المفسد والمهلك! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق