فيروس إنفلونزا الخنازير مؤامرة من صنع شركات الأدوية بتواطؤ من بعض الحكومات والشخصيات النافذة ومنظمة الصحة العالمية كما رجحت احدى النظريات؟
وإن كانت مؤامرة؟ فمن هم المتآمرون؟ ومن هم الضحايا المستهدفون؟ وما المبررات؟ وأين الخطأ الذي وقعوا فيه ليكشفهم قبل ان يكشف موسم الحج زيف الكثير من الادعاءات التي لم تجعلنا ننام الليل في الشهور الماضية؟
وهل هي بالفعل عدوى انتقلت بشكل طبيعي أم انه فيروس تم تصنيعه مخبرياً ونشره عمداً؟ ولماذا يتم الحديث عن وباء في الوقت الذي يتم تصنيف الملاريا التي تقتل ما يقارب الـ 3000 شخص يومياً "كمشكلة صحية"؟ومن المستفيد من نشر وباء حول العالم لا يمكن وصفه بأقل من جريمة محتملة ضد البشرية؟في البحث التالي محاولة للوقوف على الحقائق، وكشف بعض ما ستر، ودور اطراف قد لا يكون مفاجئا للقارئ ان يجد بينها طرفاً "إسرائيلياً" بقناع أمريكي .
نظرية المؤامرة
يقول انصار نظرية المؤامرة ان عالم الجنوب على عكس عالم دول الشمال، تعرض لعدد من المؤامرات في العقود الثلاثة الأخيرة بدءا بمؤامرة إيدز القرود مرورا بالإيبولا والجمرة الخبيثة وسارس وجنون البقر وإنفلونزا الطيور قبل ان تصل الخنازير دون ان تحمل أي من هذه الأمراض التي واكبتها هالات اعلامية مرعبة اسم انسان على الاطلاق مع ان الانسان هو من يكون ضحيتها في الغالب .ويرى هؤلاء ان هذه الأمراض هي جزء من الحرب البيولوجية التي اتهم الجيش الأمريكي تحديدا بالمسؤولية عن عدد منها، ويشيرون بهذا الشان الى القرار الذي اتخذته مجموعة دول السبع زائداً واحد ، أي العالم القوي المادي الذي يحكم العالم الضعيف الروحي، حيث تم إخراج الشكل النهائي المقترح من أجل التخلص من عزم التسارع في التطور والتكاثر البشريين، وفي الوقت ذاته لجم التسارع العلمي النشط المسؤول عن ظهور الطاقات العلمية الهائلة، والتي أدت إلى امتلاك نهايات العلوم الغربية وبدأت تتحول إلى نتاجات مبهرة في دول العالم الثالث (الروحي)، أي ازدياد مستوى ذكاء وفكره الفرد في هذه الدول المفترض أن تبقى ضعيفة ولاهثة وراء منتجات الغرب، أي بمعنى أدق أن تبقى مستهلكة ومنتجة لموادها الخام، ومستسلمة فقط لعالم الشمال، فاقتضت مراقبة التكاثر والتطور والبحث عن إعادة السيطرة على كامل الدول .وبهذا فان القرار، كما يذهب هؤلاء، هو إيقاف كل ذلك وفي لحظة كونية واحدة من خلال تحميل أدوية هذا الفيروس جينات خاصة تعمل على ضرب البنية الفكرية لشعوب دول العالم الثالث، ووقف الخصوبة الجنسية وخفض معدلات الأعمار التي بدأت تتزايد بنسب ولادية كبيرة، وتصل الأعمار لأكثر من ثمانين عاماً، والمقرر لها ستون أو سبعون عاماً في حدها الأقصى، مما سيؤدي إلى تقليص عدد السكان بدرجة كبيرة على الكرة الأرضية، إضافة إلى التخلص من خلال هذا الدواء من الإصابات المستفحلة، أي قتل الإنسانية، وأعني إبادة عدد كبير من سكان العالم الثالث .وكان من ابرز من تبنى هذا الموقف وزيرة الصحة الفنلندية السابقة روني كيلدة التي اتهمت الولايات المتحدة مباشرة بالمسؤولية عن اختراع فيروس إنفلونزا الخنازير بهدف تقليص عدد سكان العالم بنسبة الثلثين، وجني مليارات الدولارات كأرباح من بيع الأدوية .وقد دفعت الوزيرة ثمن هذا الموقف بإقالتها من الحكومة بعد التصريحات التي أدلت بها حول هذا الموضوع.ومما قالته الوزيرة السابقة "لا احد يعرف بشكل مطلق ما هي تأثيرات اللقاح بعد سنة أو 5 سنين أو 20 عاماً؟ أهو عقم مطلق أم سرطان أم غيره من الأمراض والأورام المهلكة؟ولفتت إلى أن الحكومة الفنلندية رفضت تصنيف منظمة الصحة العالمية، باعتبار أن المرض وباء، وأبقته ضمن تصنيف الإمراض العادية، حتى لا يجبر احد على التلقيح.
وقالت الوزيرة انه في 1976 كانت هناك إنفلونزا خنازير لكن تم إيقاف التطعيم لوفاة العديد من الناس بسبب التدمير الذي أصاب أجهزتهم العصبية واتهمت شركات الأدوية بإعادة إنتاج مصل التطعيم بتعديلات حتى يصبح مقبولا .وأكدت الوزيرة أن هناك مؤشرا خطيرا على النوايا المبيتة للولايات المتحدة وذلك بإعفاء الشركات المنتجة للقاح من تحمل أية مسؤولية" .ومما كشفته الوزيرة الفنلندية هو المخطط الأمريكي الذي دبره وزير خارجية أمريكا الاسبق هنري كسينجر للقضاء على نصف سكان العالم عبر لقاح إنفلونزا الخنازير .وقد اعتبرت مصل تلقيح المرضى المصابين بفيروس إنفلونزا الخنازير الذي روّجت له أمريكا حيلة يحاول الأمريكان من خلالها القضاء على نصف سكان العالم .وشددت على أن أمريكا اتخذت هذا القرار الخطير بإيعاز من اليهودي كيسنجر في اجتماع بيلدربرج الذي عقد في 15 مايو/ ايار الماضي، مضيفة "ان أمريكا تريد القضاء على زهاء ثلثي سكان العالم دون انفاق ميزانية كبيرة وتريد تحقيق هذا الهدف بالحصول على عائدات تبلغ مليارات الدولارات" .والفضيحة التي تتعلق بلقاح إنفلونزا الخنازير وآثاره الجانبية كشفتها الصحيفة النمساوية "يان بيرجر مايستر" العلمية في سبتمبر/ ايلول الماضي وتتعلق بانتشار فيروس إنفلونزا الخنازير في وقت قياسي حيث قالت ان ما بات يعرف بفيروس إنفلونزا الخنازير، الذي اجتاح بلدان العالم في ظرف قياسي، ما هو إلا مؤامرة يقودها سياسيون ورجال مال وشركات لصناعة الأدوية في الولايات المتحدة الأمريكية .واتهمت الصحيفة النمساوية "يان بيرجرمايستر" منظمة الصحة العالمية، وهيئة الأمم المتحدة، والرئيس الأمريكي باراك أوباما، ومجموعة من اللوبي اليهودي المسيطر على أكبر البنوك العالمية، وهم ديفيد روتشيلد، وديفيد روكفيلر، وجورج سوروس، بالتحضير لارتكاب إبادة جماعية، وذلك في شكوى أودعتها لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف .بي .آي) .وتزامنت شكوى الصحيفة مع شكاوى أخرى رفعت في ابريل/نيسان الماضي ضد شركات الأدوية "باكستر" و"أيفر جرين هيلز وتكنولوجي"، والتي رأت الصحيفة أنها مسؤولة عن إنتاج لقاح ضد مرض إنفلونزا الطيور، من شأنه أن يتسبب في حدوث وباء عالمي من أجل البحث عن الثراء في نفس الوقت .ورفعت الصحيفة في شكواها جملة من المبررات التي قالت انها تراها موضوعية، وتتمثل في كون المتهمين ارتكبوا ما أسمته "الإرهاب البيولوجي"، مما دفعها لاعتبارهم "يشكلون جزءا من "عصابة دولية" تمتهن الأعمال الإجرامية، من خلال انتاج وتطوير وتخزين اللقاح الموجه ضد إنفلونزا الخنازير، بغرض استخدامه ك "أسلحة بيولوجية" للقضاء على سكان الكرة الأرضية من أجل تحقيق أرباح مادية" .واعتبرت الصحيفة النمساوية "إنفلونزا الخنازير" مجرد "ذريعة"، واتهمت من أوردت اسماءهم في الشكوى، بالتآمر والتحضير للقتل الجماعي لسكان الأرض، من خلال فرض التطعيم الإجباري على البشر، على غرار ما يحدث في الولايات الأمريكية، انطلاقا من يقينها بأن "فرض هذه اللقاحات بشكل متعمد على البشر، يتسبب في أمراض قاتلة"، مما دفعها إلى تكييف هذا الفعل على أنه انتهاك مباشر لحقوق الإنسان، والشروع في استخدام "أسلحة البيوتكنولوجية" .ومن هذا المنطلق رأت "يان بيرجر مايستر" في عريضة الشكوى، أن مثل هذه الأفعال لا يمكن تصنيفها إلا في خانة "الإرهاب والخيانة العظمى" .وقد تحول موضوع هذه الشكوى، إلى قضية حقيقية رفعتها منظمات حقوقية ومهنية في مختلف دول العالم، وفي مقدمتها "جمعية آس . أو . آس عدالة وحقوق الإنسان" الفرنسية، التي سارعت بدورها إلى المطالبة بفتح "تحقيق جنائي بهدف منع وقوع أزمة صحية خطيرة" . وشددت على ضرورة وضع حد للتطعيم واسع النطاق الذي جرى التخطيط للشروع فيه بداية من فصل الخريف الجاري .ثم طرحت عدة نظريات "تجرم" جهات متعددة في إمكانية نشر الفيروس الفتاك وتعددت التحليلات والاسباب من عالم الى آخر، وإن تقاطعت بشكل كبير .
* النظرية الأولى تحدثت عن تورط "الحكومات" المدفوعة بالتغيرات المناخية والازمات الاقتصادية والكثافة السكانية في اطار تصحيح الفوضى السكانية العالمية والحد من "الاعداد" المهولة التي تؤمّ الكرة الارضية.
* النظرية الثانية تحدثت عن سوابق الجيش الأمريكي في تصنيع واطلاق هكذا نوع من الفيروسات، ثم سردت مآثر حكومات العالم واصفة اياه بأنها لطالما تورطت بجرائم ضد الانسانية كهيروشيما ونجازاكي، واستعمال اليورانيوم المنضب في الحرب الأمريكية على افغانستان والعراق ولبنان . والخلاصة وفق هذه النظرية: ان الحكومات القادرة على القيام بكل هذه الامور لن تقف عاجزة امام تصنيع فيروس قاتل لتحقيق غاياتها .
* النظرية الثالثة دارت حول تورط شركات تصنيع الأدوية، ومنها شركة باكستر التي فضحتها المختبرات التشيكية، ونوفاركس (التي سنستعرض ادلة الدكتور ليونارد هورويتش طبيب الاسنان السابق والمعروف بتاييده لنظرية المؤامرة لاحقا)، وتقول هذه النظرية انه في ظل انهيار الاقتصاد العالمي وتدني الأرباح اضافة الى الخسائر المهولة التي لحقت بهذه الشركات، كان لزاماً ان يظهر وباء يكون تذكرة خروجهم من الازمة خصوصاً أن عقار "التاميفلو" در الملايين على شركتي باكستر وروشيه خلال "حقبة إنفلونزا الطيور" عاد يدر أرباحا خيالية عليها بعد الاعلان عن إنفلونزا الخنازير .ويرى المحللون ان هناك عدة دوافع وراء هذه المؤامرة وهي: الرغبة في صرف أنظار الرأي العام عن ضغوط الأزمة الاقتصادية العالمية بحيث يكون الإحساس بالخطر الصحي أقوى من الإحساس بالخطر الاقتصادي، وهو ما يؤدي إلى إتاحة الفرصة أمام صناع القرار لكي يتخذوا مواقف معينه قد لا يقدرون عليها في توقيتات أخرى .كما يرى الخبراء أن هناك سوابق لمثل هذه الأفعال عندما تم التحذير بشكل مبالغ فيه أيضا من أمراض مثل "جنون البقر والحمى القلاعية والجمرة الخبيثة وسارس وإنفلونزا الطيور"، ثم وانتهى الأمر إلى لا شيء، فعدد من قتل في كل هذه الأمراض لم يتجاوز عدد القتلى في سقوط طائرة أو غرق سفينة .ومما يدفع للتشكك في وجود مؤامرة قيام الكونجرس الأمريكي بمنح شركات الأدوية الحصانة من الملاحقة القضائية في حالة ظهور آثار جانبية للقاح إنفلونزا الخنازير أي أنه تحسبا للجريمة يتم منح الحصانة لمرتكبها .
إنفلونزا الخنازير والأزمة المالية
لا يوجد فرد في العالم لم يسمع عن جرائم شركة هاليبرتون وفسادها في العراق وعن تربحها من شن الحروب سواء في المناقصات المدنية أم العسكرية أم في تشغيلها المرتزقة، كما كتب الكثير عن علاقة نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني بشركة هاليبرتون باعتباره كان عضواً سابقاً في مجلس إدارتها وحاملاً لعدد من اسهمها . وبالمقابل هناك احتكارات أخرى لا أحد يتكلم عنها وهي متربحة من كل ما يجري من جرائم في العالم، كما أنها مشاركة في صناعة السلطة في الولايات المتحدة وبالتالي في العالم، وأهم هذه الاحتكارات هو احتكار صناعة الادوية الأمريكية . ففي عام 2005 أي بعد عامين على غزو العراق، أعلنت شركة اكسون موبيل عن تحقيق أرباح في الربع الثالث اقتربت من 10 مليارات دولار خلال 90 يوماً، أي بمعدل 75 ألف دولار في الدقيقة فقط، وما ان أعلنت ذلك حتى قامت الدنيا ولم تقعد . فقد اتُهمت شركات النفط بأنها استغلت نقص الإمدادات الناجم عن إعصار كاترينا وريتا لترفع الأسعار وتحقق هذه الأرباح . وسُلطت الأضواء على الأرباح الضخمة لهذا القطاع الاقتصادي، حيث حققت ثلاث شركات هي: إكسون موبيل وشركة النفط البريطانية (بي بي) وشركة شل، أرباحاً قدرها 32.8 مليار دولار في الربع الثالث فقط . وكانت شركة أكسون موبيل وحدها قد حققت أرباحاً بـ 25 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من ذلك العام مع توقع أن يصل مجموع أرباحها السنوية إلى 32 مليار دولار مع نهايته .وفي حينها ردت الشركات النفطية على تلك الحملة بالقول إنها مظلومة محسودة وإنهم يرون القذى في عينها ولا يرون الشوك في عيون غيرها، فقدمت مقارنات لأرباحها مع شركات تربح أكثر منها بكثير وتتحكم بالأسعار ولا أحد يلتفت لها، أو يتكلم عنها . وقام معهد النفط الأمريكي، الذي يعتبر لوبي هذه الصناعة في واشنطن، بشن حملة معاكسة أوضح فيها أن هذه الأرباح منخفضة نسبياً إذا ما قورنت بأرباح الصناعات الأخرى .وقال لوبي شركات النفط في شكواه انه بمقارنة سريعة، يظهر أن ما حققته صناعة النفط يمثل ثلث ما حققته البنوك وشركات صناعة الأدوية، ونصف ما حققته شركات صناعة الشرائح الإلكترونية أي أن صناعة الأدوية هي الأعلى مردودا والأكثر ربحية وتحقق نتائج بمعدل ضعفي صناعة النفط وأسعارها، كما انها أيضاً صناعة احتكارية . فأسعار الدواء في الولايات المتحدة ثلاثة أضعافها في كندا .
وقد شن الرئيس السابق بيل كلينتون حملة ضخمة من أجل تخفيض هذا السعر عام 1999 لكنه فشل، وهذا يدل على قوة هذا اللوبي وعلى ممارساته الاحتكارية حتى داخل الولايات المتحدة الأمريكية .كما أن هناك تحالفا وثيقا بين شركات الدواء والمحافظين الجدد خلال فترة حكم الرئيس السابق جورج بوش، فعلى سبيل المثال كانت شركات الدواء أكبر متبرع للمحافظين الجدد في انتخابات الكونغرس النصفية عام 2002 التي هيأت للعدوان الأمريكي على العراق، لكن كل ذلك لا يعرف الناس عنه شيئاً، مع انهم يعرفون كل شيء عن هاليبرتون وديك تشيني وشن الحروب للتكسب منها .لكن ماذا يعرف الناس مثلا عن شركة جلعاد (الاسم توراتي اسرائيلي) ورامسفيلد وشن الأوبئة الوهمية مثل وباء إنفلونزا الطيور، ثم وباء إنفلونزا الخنازير الوهميين من أجل التكسب أيضاً؟
الجواب لاشيء .ومع ذلك، فإبان حالة الهلع التي أحدثتها التحذيرات من إنفلونزا الخنازير في الولايات المتحدة، نشرت صحيفة "النيوريوك تايمز" تحليلا ذكرت فيه أن الأزمه الاقتصادية قد أدت إلى تقليص النفقات المالية المخصصة للقطاع الصحي على المستوى الفيدرالي وعلى المستوى المحلي في كل ولاية أمريكية؛ ما أدى إلى فقدان الآلاف من العاملين لوظائفهم رغم أن الحاجة تبدو ماسة لجهودهم في مواجهة وباء إنفلونزا الخنازير، وشككت الصحيفة في مصداقية ما كان يردده كبار المسؤولين في القطاع حول قدرتهم على مواجهة الوباء بالإمكانات الحالية .وقالت الصحيفة ان من الدوافع الاخرى الرغبة في رفع قيمة وأسهم الشركات الكبرى المنتجة للأدوية في هذا المجال، وزيادة الطلب على منتجاتها، فقد ارتفعت أسهم شركة روش بنسبه 4% وأسهم شركة جلاسكو سميث كلاين البريطانية بنسبه 3%، كما ارتفعت أسهم شركة "بيوتا هولدينجز" الأسترالية التي أصدرت ترخيص دواء "ريلينزا" لشركة جلاسكو، وهو مشابه لدواء "تاميفلو" بنسبه 8% .وقال محلل في شركة بريطانية للوساطة المالية في حينه: "إنه ما من شك أن هناك فائدة متصورة فعلية من انتشار الحديث عن المرض" .
تحريف الحقائق
يربط بعضهم بين الاهتمام الإعلامي الكبير بغزو العراق قبل الحرب بكثير وبين التغطية الإعلامية الواسعة لانتشار مرض إنفلونزا الخنازير، في حين لا تركز أغلب وسائل الإعلام على الآراء التي تهون من خطر الفيروس على غرار ميشيل شوسودوفسكي أستاذ الاقتصاد بجامعة أوتاوا الكندية الذي اعتبر أن أغلب ما يعلنه الإعلام بشأن ضحايا إنفلونزا الخنازير يندرج تحت مسمى "تحريف الحقائق" .ويعتبر أنصار هذا الموقف أن إعلان الطوارئ في الولايات المتحدة وتهويل خطر الفيروس جاءا في إطار محاولات تنشيط مبيعات الدواء الذي تصنعه الشركات وعلى رأسها شركة "جلعاد" صاحبة براءة اختراع المصل المضاد لإنفلونزا الطيور والخنازير، والذى يباع في الأسواق باسم "تاميفلو" .اما قصة هذه الشركة فهي ان رامسفيلد كان عضواً في مجلس إدارة شركة أمريكية تعمل فى مجال التكنولوجيا الحيوية فى الولايات المتحدة لها حقوق الملكية الفكرية لتاميفلو، ثم أصبح لاحقا اكبر حامل أسهم بها وتولى رئاسة مجلس إدارتها حتى 2001.
حين تولى وزارة الدفاع الأمريكية .وبالإضافة إلى رامسفيلد كان مجلس إدارة الشركة يضم الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان وجيل بونافي الرئيس الشرفي لجماعة "بيدلبرج" المعنية بالتنسيق بين كبرى الدول الأوروبية وأمريكا وروسيا .ونتيجة أوامر وزارة الدفاع الأمريكية بتحصين كل الجنود ضد إنفلونزا الطيور عام 2005 زادت أموال رامسفيلد كثيرا حيث تكلفت الخطة أكثر من 2 مليار دولار أمريكي حصل رامسفيلد على 10% منها أي حوالي 200 مليون دولار كمكسب خاص له .ومن هذا المنطلق يرى البعض وجود علاقات وثيقة بين شركة الأدوية هذه والقادة السياسيين .وكانت مجلة "فورتشن" الأمريكية المهتمة برصد ثروات كبرى الشخصيات والمؤسسات فى العالم، أكدت أن رامسفيلد يمتلك حصة كبيرة من شركة "جلعاد" والتي تعتبر من أكبر شركات التكنولوجيا الحيوية وذات العلاقة الوثيقة بالحياة السياسية في الولايات المتحدة حاليا .وقد شكك كثيرون فى أن اختفاء فيروس الجمرة الخبيثة من معامل الجيش الأمريكي عام ،2001 والخوف الذي ساد حين ذلك يتكرر حاليا، فقبيل تصنيع المصل يتم سرقة جزء من العينات ونشر المرض ليكون الطلب على العقار الجديد كبيرا .
رامسفيلد وشركة جلعاد
في عام 1987 تأسست شركة صغيرة في كاليفورنيا اسمها (Oligogen, Inc) من قبل طبيب صغير السن (29 سنة) اسمه ميشيل رودان، وفي عام 1988 غير ميشيل رودان اسم شركته إلى اسم جلعاد "Gilead Sciences" اسم توراتي)، واختار رامسفيلد ليكون عضواً في مجلس إدارة الشركة وصار الأخير حاملاً لكمية من أسهمها، ولا يخفى على أحد دوافع هذا التعيين لرجل قضى حياته في العمل السياسي والاستخباراتي وحبك المؤامرات وشن الحروب ولم يُعرف أن له نشاطاً علمياً قط . ثم أصبح رامسفيلد رئيسا لمجلس إدارة شركة جلعاد عام 1997. واستمر بهذا المنصب حتى عام 2001 حين صار وزير دفاع الولايات المتحدة الأمريكية وما عرف عن شركة جلعاد انها تعمل في مجال صناعة المضادات الفيروسية بشكل خاص، وقد طورت حتى عام 2006 أحد عشر دواءً، لكن الكنز الحقيقي الذي غيّر واقع الشركة وجعلها في الصدارة هو عقار التاميفلو Tamifluالذي حاز الترخيص في 27 اكتوبر/تشرين الأول 1999 بعد أن دخلت جلعاد بشراكة مع شركة هوفمان - لاروش السويسرية لإنتاجه .وقد بقيت استخدامات هذا العقار محدودة حيث حُصر استخدامه بكل من الإنفلونزا A- B التي لا يلجأ كثير من الأطباء والمرضى لمعالجتها إلا بالمسكنات وخافضات الحرارة . لكن في عام 2005 اجتاح العالم خوف رهيب من وباء مزعوم أطلق عليه اسم "إنفلونزا الطيور" وعلى الفور قفز اسم هذا العقار إلى الواجهة على أنه العقار الوحيد الذي يُنجي من هذا الوباء القاتل .ومع أخبار الوفيات الناجمة عن هذا المرض التي تصدرت الشاشات وملأت ساعات البث سارعت الدول لشراء هذا العقار وتخزينه استعداداً لمجابهة وباء بات على الأبواب، وفي نوفمبر 2005 طلب الرئيس جورج بوش من الكونغرس 7.1 مليار دولار من اجل مجابهة وباء انفلونز الطيور ذهب من هذا المبلغ بليون دولار لشراء وتوزيع عقار التاميفلو مع العلم أن الجرعة الواحدة منه تكلف ما بين 60-80 دولاراً للشخص الواحد، وعلى الفور قفز سعر سهم الشركة الذي كان نطاقه السعري عام 2001 يتراوح ما بين 6.64 إلى 93,،17 لكن بعد الوباء المزعوم صار سعره في عام 2006 من 53-65 دولاراً للسهم الواحد، وكانت التقديرات السابقة تشير إلى أن رامسفيلد يملك أسهماً قيمتها ما بين 5- 25 مليون دولار وبالتالي يكون قد ربح من أزمة إنفلونزا الطيور ما بين ما بين 2.5 - 15 مليون دولار . وبالطبع فإن رامسفيلد ليس المتربح الوحيد من عقار التاميفلو، بل هناك طاقم سياسي كامل في أعلى مواقع القرار السياسي مثل جورج شولتز وزير الخارجية الأمريكي الأسبق الذي ما زال عضواً في مجلس إدارة الشركة، ويُقال إنه ربح بسبب تلك الأزمة 7 ملايين دولار، كما أن هناك عضواً آخر في مجلس الإدارة هو زوجة حاكم كاليفورنيا الأسبق غوفرنر بت ولسون .وعندما عاد الاهتمام بالتاميفلو من جديد بسبب "إنفلونزا الخنازير" ارتفع سهم شركة روش السويسرية كما ارتفع سهم شركة جلعاد من 5 دولارات للسهم إلى 50 دولاراً، وهو ما أثار العديد من التساؤلات والشكوك، خصوصا لو أخذنا في الاعتبار أن صناعة الأدوية في الولايات المتحدة الأمريكية احتكارية وهي الأعلى مردودا والأكثر ربحية وتحقق نتائج بمعدل ضعفي صناعة النفط وأسعارها، وبذلك راكم رامسفيلد وجورج شولتز وطقم كامل من السياسيين مزيداً من الأرباح .الا أن الكوارث المادية والبشرية التى كان من المتوقع ان يتسبب في احداثها هذا الوباء المزعوم لم تتحقق، وتبين فيما بعد ان احتمال الوفاة بسبب إنفلونزا الطيور أقل من احتمال الوفاة دعساً بسيارة مسرعة اثناء السير في الشارع، وأصبح مخزون عقار تاميفلو مهددا بالتلف لارتباطه بمدة صلاحية محددة .وكان اعلان المكسيك عن ظهور إنفلونزا الخنازير بمثابة طوق النجاة لمخزون عقار تاميفلو، الامر الذي ساهم بشكل كبير في ارتفاع اسهم كل من شركة لاروش السويسرية وشركة جلعاد .ووفقاً للاسوشيتدبرس قدر محلل مالي مبيعات التاميفلو آنذاك ب 388 مليون دولار، وهو رقم بالطبع مرجح للارتفاع مع استمرار انتشار الإنفلونزا اما في حال اعلان حالة "الوباء" فان الرقم سيتضاعف .كما ان انتشار إنفلونزا H1N1 ملائم جداً للحكومات التي يمكنها الآن التخلص من مخزون التامفيلو القابع في المستودعات والذي يعود "لحقبة إنفلونزا "الطيور ناهيك عن تسجيل طلبات جديدة . فالحكومة الأمريكية طلبت شحنات من التاميفلو تقدر قيمتها ب 2 بليون دولار في الوقت الذي طلبت الحكومة البريطانية خلال الايام الأولى لانتشار الفيروس شحنات تقدر ب 6,14 مليون دولار . اما مبيعات شركة روش لعقار تاميفلو وحده خلال العام 2008 فقدرت ب 527 مليون دولار.======مؤامرة الغذاء ..
الزراعة المثالية & لعنة اﻷدوية المثالية : في البداية، قُدمت المبيدات والأسمدة الكيماوية، خداعاً، للمزارعين الغافلين بحجة أنها توفّر اندفاعاً ثورياً لزيادة منتوج وجودة محاصيلهم الزراعية خلال فترة سنوات قصيرة. لكن هذا الهدف القصير المدى خلف وراءه تربة زراعية متآكلة وفقيرة، وبالإضافة إلى مياه جوفية ملوّثة ومقاومة هزيلة للمزروعات أمام الأمراض والطفيليات المؤذية. والأمر الذي يدعو للسخرية (والحزن بنفس الوقت) هو أنه قبل طرح المبيد الكيماوي DDT في الولايات المتحدة لأوّل مرّة (عام 1946م)، كان المزارعون الأمريكيون يخسرون ما يعادل ثلث محاصيلهم سنوياً بسبب الحشرات والأعشاب الضارة والأمراض المختلفة. لكن بعد استخدام مبيدات كيماوية حشرية وفطرية وعشبية، والتي تكلّف المزارعين الأمريكيين 4 مليار دولار سنوياً، لازال المزارعون يخسرون ثلث المحاصيل! (المرجع: U.S. News & World Report, 9/14/92) هذا يعني أن المواد الكيماوية لم تغيّر شيئاً في نسبة الخسارة بل زادت الأمر سوءاً، حيث تساهم الآن في خسارة المال وكذلك تدمير البيئة. لكن من له مصلحة في توعية المزارعين ودعوتهم للصحوة من نومهم واتخاذ الإجراءات اللازمة حيال هذه المسألة؟ من يستطيع الوقوف في وجه هذا الاقتصاد الكيماوي العملاق الذي زرع مفاهيمه العلمية الشاذة في المناهج المدرسية والكليات الزراعية، وحاز على تراخيص قانونية ودعمته التشريعات الحكومية الباطلة والهالة الإعلامية المزيّفة، وتحوّل مع الوقت إلى وحش مفترس لا يرحم خصومه ومعارضيه؟! في كل عام، تساهم الوسائل الزراعية العصرية في تدمير القدرة الحيوية "بعيدة المدى" للحقول الزراعية على إنتاج الأغذية الصحّية والطبيعية، حيث أن ما يعادل 90% من المزارعين العصريين (98% في أمريكا وحدها) يلجؤون إلى الأدوية الكيماوية، إن كان سماداً أو مبيدات. يُقدّر "مجلس الدفاع عن المصادر الطبيعية" في الولايات المتحدة The Natural Resources Defense Council estimates، بأن حوالي 845 مليون رطل من المبيدات الكيماوية تُستخدم في المزارعة الأمريكية سنوياً. كما أن المركز الأمريكي لخدمة الأبحاث الاقتصادية Economic Research Service ، قدّر بأن 45 مليار رطل من السماد الكيماوي يُكبّ في الأراضي الأمريكية سنوياً. في العام 1990م، لم يبقى سوى نسبة 2% من المنتجات الزراعية الأمريكية النامية عضوياً (خالية من الكيماويات). لكن رغم ذلك، يبدو أن المزارعين العضويين صامدون أمام الحملات الإعلامية والتثقيفية المزوّرة التي تجريها الشركات والحكومة بهدف التحوّل للكيماويات. وليس هذا فحسب، بل يبدو أن هؤلاء المزارعون الحكماء لم يبدوا أي إشارات تدلّ على أنهم سيخرجون من السوق مدحورين، كما يحصل حالياً مع الكثير من المزارعين الكيماويين! والسؤال الكبير الذي يفرض نفسه هو: هل الزراعة العضوية مربحة أكثر أو أقلّ من الزراعة الكيماوية؟ على مدى السنوات الماضية، كانت التقارير الرسمية الحكومية تعمل جاهدة على إقناع المزارعين الغافلين بأن الزراعة العضوية لا تضاهي الزراعة الكيماوية بأي شكل من الأشكال من ناحية الإنتاج. لكن يبدو أن هذا غير صحيح إطلاقاً. فمثلاً، في أيلول من العام 1989م، أصدر مجلس قسم الزراعة في الأكاديمية الوطنية للعلوم National Academy of Sciences' Board on Agriculture تقريراً شاملاً يدعم مزاعم ووجهات نظر المزارعين الذين لا يستخدمون الكيماويات (أو القليل منها) في زراعتهم، وكانت نسبة إنتاجهم مساوية لنسبة إنتاج المزارعين الكيماويين.. الطن مقابل الطن من المحاصيل. راح هذا التقرير، المؤلف من 448 صفحة، يمدح الممارسات الزراعية المتناغمة بيولوجياً (منها العضوية)، ويوصي السياسات الفدرالية بأن توليها الدعم الكافي بدلاً من عدم تشجيعها كما تفعل الآن. وفي الأوساط المطلعة على شمولية الموضوع، لم يأتي هذا التقرير بما يفاجئهم، لأنهم يعلمون هذه الحقيقة من قبل. لكن الأمر المؤسف هو أن وسائل الإعلام التي من المفروض أن يكون واجبها تنوير الجماهير وتثقيفها لم تأتي على ذكر هذا التقرير أبداً، وبالكاد علم المزارعين بهذه الحقيقة. وبالتالي، بقيت لعبة الخداع مستمرّة. من خلال الطرق الالتفافية الماكرة المألوفة لدى كافة الشركات الكبرى، غالباً ما تبيع الشركات الكيماوية "المبيدات السامة"، المحظورة أساساً في الولايات المتحدة، إلى بلدان أخرى متحررة من هذا الحظر القانوني. لكن الحكومة الأمريكية ليست بريئة من هذه اللعبة الخسيسة، حيث أن "القانون الفدرالي المتعلّق بالمبيدات الكيماوية على أنواعها" FIFRA يسمح للشركات بتصنيع هذه المبيدات المحظورة على الأرض الأمريكية بشرط أن يتم تصديرها للخارج حصراً! أما البلدان التي تشتري هذه الكيماويات السامة، فتقوم، عن جهل أو معرفة بالأمر، بتسميم شعوبها، وليس هذا فحسب، بل تعيد بيع المنتجات الزراعية المسمومة للأسواق الأمريكية الداخلية، مكملة بذلك الدورة التسميمية! في العام 1988م، قامت وكالة EPA بمنع كافة المبيعات الداخلية لمادتي "الكلوردين" chlordane و"الهيبتاكلور" heptachlor، لكن منظمة "غرين بيس" Greenpeace قدمت تقريراً يكشف عن أنه بين العام 1987 وأواسط العام 1989، صدّرت شركة "فلسيكول" Velsicol (المصنّعة للمبيدات الكيماوية) أكثر من 5 ملايين رطل من هاتين المادتين إلى أكثر من 25 بلداً! ونوّهت "غرين بيس" أيضاً إلى أن شحنتين من لحوم "الهندوران" Honduran beef، التي تم استيرادها وبيعها في الأسواق الداخلية الأمريكية في العام 1991 تحتوي على مستوى "الكلوردين" و"الهيبتاكلور" أكثر بـ8 مرات من المسموح به قانونياً. وقد تم اكتشاف التلوّث بمادة "الهيبتاكلور" في فاصوليا "الغاربانزو" garbanzo beans، وكذلك الجزر والأناناس والجبنة المستوردة. أليس من الواجب على "القانون الفدرالي المتعلّق بالمبيدات الكيماوية على أنواعها" FIFRA أن يوقف هذا الجنون؟ في مقاطعة "جيانغسو" Jiangsu الصينية، يُصاب معدّل 27.000 شخص سنوياً بالتسمّم نتيجة المبيدات الكيماوية، و10% منهم يموتون. وقدّر أحد التقارير الصادرة عام 1987 من الأكاديمية الوطنية للعلوم (أمريكا) بأن المبيدات الكيماوية قد تكون السبب الرئيسي في 1.4 مليون حالة سرطان بين الأمريكيين المصابين، بينما التسمم بالمبيدات الكيماوية الذي يصيب المزارعين في كاليفورنيا يُعتبر الحالة المرضية الأكثر شيوعاً في تلك الولاية. لقد أثبت التعامل مع هذه المبيدات الكيماوية حول العالم بأنها أكثر من خطيرة بل قاتلة من كافة النواحي. ليس هناك أي فرصة لهذا الكوكب أن يستمرّ في البقاء حياً لمدة طويلة إذا استمرّ التداول بالمبيدات الكيماوية في المجال الزراعي. عندما نأخذ بعين الاعتبار حقيقة أن 1% فقط من المبيدات المرشوشة على النباتات تصل للحشرات التي صًممت لقتلها، حينها سنفهم ماذا تفعل النسبة الباقية (99%) بالهواء والتربة والماء والغذاء الذي تلوّثه. الكيماويات المرشوشة فوق المزارع تساهم في تلويث المياه الجوفية، وتزيد من نسبة التعرية، وتجرّد التربة من الحيوية، كما تقتل الحياة البريّة التي تعتبر مهمة في إكمال دورة الحياة. لكن رغم هذا كله، فقد وجد المزارعون البسطاء أن شراء الكيماويات ورشّها في مزارعهم أسهل بكثير من إجهاد عقولهم في استيعاب آلية عمل الزراعة العضوية. والجميع طبعاً يفضّل الطريق الأسهل. من الواضح أننا بحاجة إلى إعادة تثقيف في المجال الزراعي قبل البدء بتطبيق الزراعة العضوية بشكل سليم. هناك الكثير من المزارعين الذين يتركون مزارعهم بسبب الفوضى التي سببها اقتصاد المبيدات الكيماوية وأفكارهم الزراعية الملتوية التي تنشرها في الأكاديميات والإرشادات الزراعية. لقد أصبحت زراعة الحقول وصيانتها مكلفة جداً. ففي أمريكا وحدها، أكثر من 600.000 مزارع هجروا حقولهم بين العامين 1981 و1988. لكن من ناحية أخرى، وبما أن المستهلكين أصبحوا بدرجة متقدمة من الوعي وراحوا يطالبون بأغذية رخيصة غير سامة، فلا بد من أن المزارعون يتجاوبون مع طلب السوق وبالتالي يتوقفون عن استخدام المواد الكيماوية المسرطنة والإضافات المُقدمة للحيوانات ومواد أخرى تتحكم بنمو النباتات بشكل غير طبيعي. بما أنه وجب تنبيه المزارعين والمستهلكين عن مدى خطورة الكيماويات المُستخدمة، وجب إقامة حملة تثقيف واسعة ومكثّفة. لكن من سيقوم بهذا العمل النبيل الذي يكلّف الكثير من الأموال؟! كافة القوانين والتشريعات الحكومية الرسمية تصب في مصلحة الشركات الكيماوية. كافة ليس هناك أي قانون صارم يضبط عملية دسّ السموم الكيماوية في المزروعات والمواد الغذائية المُصنّعة (المعلبات). ولسوء الحظ، فهذه الشركات الكيماوية العملاقة شكّلت لوبيات سياسية قوية تحمي حقّها الشرعي والقانوني لتسميم العالم! فقد اجتمع الكثير من هذه الشركات العملاقة لتشكّل كتل قوية جداً، مثل CSPP (الائتلاف من أجل سياسة مبيدات معقولة)، وتمثّل مجموعة لوبية قوية تهدف إلى إبقاء هذا الاقتصاد المسمّم نشطاً وفعالاً. لكن لحسن الحظ، نشأ في العام 2003م تكتّل مضاد لهذه المجموعة اللوبية القوية، واسمه "الائتلاف الوطني ضدّ سوء استخدام المبيدات الكيماوية" NCAMP. وهدفه هو وضع حدود لجموح اقتصاد الكيماويات الذي كاد يكتسح كافة مجالات الحياة وليس فقط الزراعة. الحشرات المؤذية لا تظهر على النباتات بسبب غياب المواد الكيماوية كما جعلونا نعتقد. كما جعلونا أيضاً نعتقد بأن ألم الرأس سوف لن يزول إن لم يتوفّر الأسبرين. إذا تم تحسين حيوية وصحّة المزروعات، فسوف تصبح تلقائياً أكثر مقاومة للطفيليات كما يفعل الجسم السليم والمعافى في مقاومة المرض. إن العادات الزراعية العقلانية تساهم بشكل كبير في المحافظة على حيوية الحقول وبالتالي زيادة مناعتها ضّد الأمراض والطفيليات. لقد زادت مبيعات المبيدات الكيماوية عشرة أضعاف منذ الحرب العالمية الثانية، لكن بنفس الوقت، الضرر الذي أصاب المزروعات نتيجة المبيدات الكيماوية زاد ضعفين. ورغم ذلك، لازالت اللعبة تجري دون حسيب أو قيب. وسائل بديلة للزراعة النظيفة الخالية من المواد الكيماوية التحكّم بمصادر المياه ووسائل الريّ : في الوقت الذي راح المحللون السياسيون والمفكرون الإستراتيجيون المحترمون يتنبؤون بأن القرن القادم سيسوده الحروب الحول مصادر الماء، في هذا الوقت بالذات، يتم قمع وإخفاء تقنيات وطرق سهلة يمكنها استخلاص المياه من الهواء بسهولة، إن كانت بواسطة تكثيف الهواء، أو بواسطة صناعة الأمطار، أو أساليب أخرى لم تخطر لنا بسبب جهلنا التام عن المفهوم العلمي الذي تستند عليه. يمكن لهذه الوسائل أن تكفي حاجات العالم من المياه، إن كانت للزراعة أو الاستخدامات المنزلية. لكن يبدو أن هذا لم يناسب النخبة العالمية التي تريد الإبقاء على السيطرة من خلال الحروب والنزاعات حتى لو أدى هذا إلى دمار البيئة بالكامل. براءات اختراع لاستخلاص الماء بوسائل وتقنيات تقليدية وغير تقليدية . الهندسة الجينية واحتكار البذور : إحدى الأمثلة التي لا يمكن تصديقها حول استغلال بلدان العالم الثالث بالتحديد هو القضاء بشكل منظّم على البذور الزراعية الطبيعيّة، واستبدالها ببذور معدّلة جينياً ومسجلة وفق براءات اختراع وحمايات ملكية فكرية وغيرها من احتكارات. ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة فقد اختفى 75% من التنويعات الوراثية للمحاصيل الزراعيّة خلال هذا القرن. وفي بريطانيا فقد تم سحب 1500 من أنواع البذور ’الغير مصادق عليها’ من تداول المزارعين. أما الآن وبدلاً من استخدام البذور المتنوعة الوطنية، فإنّه ينبغي على بلدان العالم الثالث دفع المال للشركات متعددة الجنسيات مقابل الحصول على البذور المعدّلة وراثياً، والتي أُنتجت كيماوياً ووزعت من قبل نفس الشركات، رغم أن هذه البذور لا تجدي نفعاً في بيئة العالم الثالث. وكمحصلة لكل هذا فإن نفس الناس يتحكمون بالغذاء الحقيقي الذي نتناوله -حيث تتركز90% من تجارة المواد الغذائية بيد خمس شركات عملاقة متعددة الجنسيّات! وتخضع 50 % منها لسيطرة شركتي يوني ليفر Unilever، ونستله Nestle وحدهما
وإن كانت مؤامرة؟ فمن هم المتآمرون؟ ومن هم الضحايا المستهدفون؟ وما المبررات؟ وأين الخطأ الذي وقعوا فيه ليكشفهم قبل ان يكشف موسم الحج زيف الكثير من الادعاءات التي لم تجعلنا ننام الليل في الشهور الماضية؟
وهل هي بالفعل عدوى انتقلت بشكل طبيعي أم انه فيروس تم تصنيعه مخبرياً ونشره عمداً؟ ولماذا يتم الحديث عن وباء في الوقت الذي يتم تصنيف الملاريا التي تقتل ما يقارب الـ 3000 شخص يومياً "كمشكلة صحية"؟ومن المستفيد من نشر وباء حول العالم لا يمكن وصفه بأقل من جريمة محتملة ضد البشرية؟في البحث التالي محاولة للوقوف على الحقائق، وكشف بعض ما ستر، ودور اطراف قد لا يكون مفاجئا للقارئ ان يجد بينها طرفاً "إسرائيلياً" بقناع أمريكي .
نظرية المؤامرة
يقول انصار نظرية المؤامرة ان عالم الجنوب على عكس عالم دول الشمال، تعرض لعدد من المؤامرات في العقود الثلاثة الأخيرة بدءا بمؤامرة إيدز القرود مرورا بالإيبولا والجمرة الخبيثة وسارس وجنون البقر وإنفلونزا الطيور قبل ان تصل الخنازير دون ان تحمل أي من هذه الأمراض التي واكبتها هالات اعلامية مرعبة اسم انسان على الاطلاق مع ان الانسان هو من يكون ضحيتها في الغالب .ويرى هؤلاء ان هذه الأمراض هي جزء من الحرب البيولوجية التي اتهم الجيش الأمريكي تحديدا بالمسؤولية عن عدد منها، ويشيرون بهذا الشان الى القرار الذي اتخذته مجموعة دول السبع زائداً واحد ، أي العالم القوي المادي الذي يحكم العالم الضعيف الروحي، حيث تم إخراج الشكل النهائي المقترح من أجل التخلص من عزم التسارع في التطور والتكاثر البشريين، وفي الوقت ذاته لجم التسارع العلمي النشط المسؤول عن ظهور الطاقات العلمية الهائلة، والتي أدت إلى امتلاك نهايات العلوم الغربية وبدأت تتحول إلى نتاجات مبهرة في دول العالم الثالث (الروحي)، أي ازدياد مستوى ذكاء وفكره الفرد في هذه الدول المفترض أن تبقى ضعيفة ولاهثة وراء منتجات الغرب، أي بمعنى أدق أن تبقى مستهلكة ومنتجة لموادها الخام، ومستسلمة فقط لعالم الشمال، فاقتضت مراقبة التكاثر والتطور والبحث عن إعادة السيطرة على كامل الدول .وبهذا فان القرار، كما يذهب هؤلاء، هو إيقاف كل ذلك وفي لحظة كونية واحدة من خلال تحميل أدوية هذا الفيروس جينات خاصة تعمل على ضرب البنية الفكرية لشعوب دول العالم الثالث، ووقف الخصوبة الجنسية وخفض معدلات الأعمار التي بدأت تتزايد بنسب ولادية كبيرة، وتصل الأعمار لأكثر من ثمانين عاماً، والمقرر لها ستون أو سبعون عاماً في حدها الأقصى، مما سيؤدي إلى تقليص عدد السكان بدرجة كبيرة على الكرة الأرضية، إضافة إلى التخلص من خلال هذا الدواء من الإصابات المستفحلة، أي قتل الإنسانية، وأعني إبادة عدد كبير من سكان العالم الثالث .وكان من ابرز من تبنى هذا الموقف وزيرة الصحة الفنلندية السابقة روني كيلدة التي اتهمت الولايات المتحدة مباشرة بالمسؤولية عن اختراع فيروس إنفلونزا الخنازير بهدف تقليص عدد سكان العالم بنسبة الثلثين، وجني مليارات الدولارات كأرباح من بيع الأدوية .وقد دفعت الوزيرة ثمن هذا الموقف بإقالتها من الحكومة بعد التصريحات التي أدلت بها حول هذا الموضوع.ومما قالته الوزيرة السابقة "لا احد يعرف بشكل مطلق ما هي تأثيرات اللقاح بعد سنة أو 5 سنين أو 20 عاماً؟ أهو عقم مطلق أم سرطان أم غيره من الأمراض والأورام المهلكة؟ولفتت إلى أن الحكومة الفنلندية رفضت تصنيف منظمة الصحة العالمية، باعتبار أن المرض وباء، وأبقته ضمن تصنيف الإمراض العادية، حتى لا يجبر احد على التلقيح.
وقالت الوزيرة انه في 1976 كانت هناك إنفلونزا خنازير لكن تم إيقاف التطعيم لوفاة العديد من الناس بسبب التدمير الذي أصاب أجهزتهم العصبية واتهمت شركات الأدوية بإعادة إنتاج مصل التطعيم بتعديلات حتى يصبح مقبولا .وأكدت الوزيرة أن هناك مؤشرا خطيرا على النوايا المبيتة للولايات المتحدة وذلك بإعفاء الشركات المنتجة للقاح من تحمل أية مسؤولية" .ومما كشفته الوزيرة الفنلندية هو المخطط الأمريكي الذي دبره وزير خارجية أمريكا الاسبق هنري كسينجر للقضاء على نصف سكان العالم عبر لقاح إنفلونزا الخنازير .وقد اعتبرت مصل تلقيح المرضى المصابين بفيروس إنفلونزا الخنازير الذي روّجت له أمريكا حيلة يحاول الأمريكان من خلالها القضاء على نصف سكان العالم .وشددت على أن أمريكا اتخذت هذا القرار الخطير بإيعاز من اليهودي كيسنجر في اجتماع بيلدربرج الذي عقد في 15 مايو/ ايار الماضي، مضيفة "ان أمريكا تريد القضاء على زهاء ثلثي سكان العالم دون انفاق ميزانية كبيرة وتريد تحقيق هذا الهدف بالحصول على عائدات تبلغ مليارات الدولارات" .والفضيحة التي تتعلق بلقاح إنفلونزا الخنازير وآثاره الجانبية كشفتها الصحيفة النمساوية "يان بيرجر مايستر" العلمية في سبتمبر/ ايلول الماضي وتتعلق بانتشار فيروس إنفلونزا الخنازير في وقت قياسي حيث قالت ان ما بات يعرف بفيروس إنفلونزا الخنازير، الذي اجتاح بلدان العالم في ظرف قياسي، ما هو إلا مؤامرة يقودها سياسيون ورجال مال وشركات لصناعة الأدوية في الولايات المتحدة الأمريكية .واتهمت الصحيفة النمساوية "يان بيرجرمايستر" منظمة الصحة العالمية، وهيئة الأمم المتحدة، والرئيس الأمريكي باراك أوباما، ومجموعة من اللوبي اليهودي المسيطر على أكبر البنوك العالمية، وهم ديفيد روتشيلد، وديفيد روكفيلر، وجورج سوروس، بالتحضير لارتكاب إبادة جماعية، وذلك في شكوى أودعتها لدى مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف .بي .آي) .وتزامنت شكوى الصحيفة مع شكاوى أخرى رفعت في ابريل/نيسان الماضي ضد شركات الأدوية "باكستر" و"أيفر جرين هيلز وتكنولوجي"، والتي رأت الصحيفة أنها مسؤولة عن إنتاج لقاح ضد مرض إنفلونزا الطيور، من شأنه أن يتسبب في حدوث وباء عالمي من أجل البحث عن الثراء في نفس الوقت .ورفعت الصحيفة في شكواها جملة من المبررات التي قالت انها تراها موضوعية، وتتمثل في كون المتهمين ارتكبوا ما أسمته "الإرهاب البيولوجي"، مما دفعها لاعتبارهم "يشكلون جزءا من "عصابة دولية" تمتهن الأعمال الإجرامية، من خلال انتاج وتطوير وتخزين اللقاح الموجه ضد إنفلونزا الخنازير، بغرض استخدامه ك "أسلحة بيولوجية" للقضاء على سكان الكرة الأرضية من أجل تحقيق أرباح مادية" .واعتبرت الصحيفة النمساوية "إنفلونزا الخنازير" مجرد "ذريعة"، واتهمت من أوردت اسماءهم في الشكوى، بالتآمر والتحضير للقتل الجماعي لسكان الأرض، من خلال فرض التطعيم الإجباري على البشر، على غرار ما يحدث في الولايات الأمريكية، انطلاقا من يقينها بأن "فرض هذه اللقاحات بشكل متعمد على البشر، يتسبب في أمراض قاتلة"، مما دفعها إلى تكييف هذا الفعل على أنه انتهاك مباشر لحقوق الإنسان، والشروع في استخدام "أسلحة البيوتكنولوجية" .ومن هذا المنطلق رأت "يان بيرجر مايستر" في عريضة الشكوى، أن مثل هذه الأفعال لا يمكن تصنيفها إلا في خانة "الإرهاب والخيانة العظمى" .وقد تحول موضوع هذه الشكوى، إلى قضية حقيقية رفعتها منظمات حقوقية ومهنية في مختلف دول العالم، وفي مقدمتها "جمعية آس . أو . آس عدالة وحقوق الإنسان" الفرنسية، التي سارعت بدورها إلى المطالبة بفتح "تحقيق جنائي بهدف منع وقوع أزمة صحية خطيرة" . وشددت على ضرورة وضع حد للتطعيم واسع النطاق الذي جرى التخطيط للشروع فيه بداية من فصل الخريف الجاري .ثم طرحت عدة نظريات "تجرم" جهات متعددة في إمكانية نشر الفيروس الفتاك وتعددت التحليلات والاسباب من عالم الى آخر، وإن تقاطعت بشكل كبير .
* النظرية الأولى تحدثت عن تورط "الحكومات" المدفوعة بالتغيرات المناخية والازمات الاقتصادية والكثافة السكانية في اطار تصحيح الفوضى السكانية العالمية والحد من "الاعداد" المهولة التي تؤمّ الكرة الارضية.
* النظرية الثانية تحدثت عن سوابق الجيش الأمريكي في تصنيع واطلاق هكذا نوع من الفيروسات، ثم سردت مآثر حكومات العالم واصفة اياه بأنها لطالما تورطت بجرائم ضد الانسانية كهيروشيما ونجازاكي، واستعمال اليورانيوم المنضب في الحرب الأمريكية على افغانستان والعراق ولبنان . والخلاصة وفق هذه النظرية: ان الحكومات القادرة على القيام بكل هذه الامور لن تقف عاجزة امام تصنيع فيروس قاتل لتحقيق غاياتها .
* النظرية الثالثة دارت حول تورط شركات تصنيع الأدوية، ومنها شركة باكستر التي فضحتها المختبرات التشيكية، ونوفاركس (التي سنستعرض ادلة الدكتور ليونارد هورويتش طبيب الاسنان السابق والمعروف بتاييده لنظرية المؤامرة لاحقا)، وتقول هذه النظرية انه في ظل انهيار الاقتصاد العالمي وتدني الأرباح اضافة الى الخسائر المهولة التي لحقت بهذه الشركات، كان لزاماً ان يظهر وباء يكون تذكرة خروجهم من الازمة خصوصاً أن عقار "التاميفلو" در الملايين على شركتي باكستر وروشيه خلال "حقبة إنفلونزا الطيور" عاد يدر أرباحا خيالية عليها بعد الاعلان عن إنفلونزا الخنازير .ويرى المحللون ان هناك عدة دوافع وراء هذه المؤامرة وهي: الرغبة في صرف أنظار الرأي العام عن ضغوط الأزمة الاقتصادية العالمية بحيث يكون الإحساس بالخطر الصحي أقوى من الإحساس بالخطر الاقتصادي، وهو ما يؤدي إلى إتاحة الفرصة أمام صناع القرار لكي يتخذوا مواقف معينه قد لا يقدرون عليها في توقيتات أخرى .كما يرى الخبراء أن هناك سوابق لمثل هذه الأفعال عندما تم التحذير بشكل مبالغ فيه أيضا من أمراض مثل "جنون البقر والحمى القلاعية والجمرة الخبيثة وسارس وإنفلونزا الطيور"، ثم وانتهى الأمر إلى لا شيء، فعدد من قتل في كل هذه الأمراض لم يتجاوز عدد القتلى في سقوط طائرة أو غرق سفينة .ومما يدفع للتشكك في وجود مؤامرة قيام الكونجرس الأمريكي بمنح شركات الأدوية الحصانة من الملاحقة القضائية في حالة ظهور آثار جانبية للقاح إنفلونزا الخنازير أي أنه تحسبا للجريمة يتم منح الحصانة لمرتكبها .
إنفلونزا الخنازير والأزمة المالية
لا يوجد فرد في العالم لم يسمع عن جرائم شركة هاليبرتون وفسادها في العراق وعن تربحها من شن الحروب سواء في المناقصات المدنية أم العسكرية أم في تشغيلها المرتزقة، كما كتب الكثير عن علاقة نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني بشركة هاليبرتون باعتباره كان عضواً سابقاً في مجلس إدارتها وحاملاً لعدد من اسهمها . وبالمقابل هناك احتكارات أخرى لا أحد يتكلم عنها وهي متربحة من كل ما يجري من جرائم في العالم، كما أنها مشاركة في صناعة السلطة في الولايات المتحدة وبالتالي في العالم، وأهم هذه الاحتكارات هو احتكار صناعة الادوية الأمريكية . ففي عام 2005 أي بعد عامين على غزو العراق، أعلنت شركة اكسون موبيل عن تحقيق أرباح في الربع الثالث اقتربت من 10 مليارات دولار خلال 90 يوماً، أي بمعدل 75 ألف دولار في الدقيقة فقط، وما ان أعلنت ذلك حتى قامت الدنيا ولم تقعد . فقد اتُهمت شركات النفط بأنها استغلت نقص الإمدادات الناجم عن إعصار كاترينا وريتا لترفع الأسعار وتحقق هذه الأرباح . وسُلطت الأضواء على الأرباح الضخمة لهذا القطاع الاقتصادي، حيث حققت ثلاث شركات هي: إكسون موبيل وشركة النفط البريطانية (بي بي) وشركة شل، أرباحاً قدرها 32.8 مليار دولار في الربع الثالث فقط . وكانت شركة أكسون موبيل وحدها قد حققت أرباحاً بـ 25 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من ذلك العام مع توقع أن يصل مجموع أرباحها السنوية إلى 32 مليار دولار مع نهايته .وفي حينها ردت الشركات النفطية على تلك الحملة بالقول إنها مظلومة محسودة وإنهم يرون القذى في عينها ولا يرون الشوك في عيون غيرها، فقدمت مقارنات لأرباحها مع شركات تربح أكثر منها بكثير وتتحكم بالأسعار ولا أحد يلتفت لها، أو يتكلم عنها . وقام معهد النفط الأمريكي، الذي يعتبر لوبي هذه الصناعة في واشنطن، بشن حملة معاكسة أوضح فيها أن هذه الأرباح منخفضة نسبياً إذا ما قورنت بأرباح الصناعات الأخرى .وقال لوبي شركات النفط في شكواه انه بمقارنة سريعة، يظهر أن ما حققته صناعة النفط يمثل ثلث ما حققته البنوك وشركات صناعة الأدوية، ونصف ما حققته شركات صناعة الشرائح الإلكترونية أي أن صناعة الأدوية هي الأعلى مردودا والأكثر ربحية وتحقق نتائج بمعدل ضعفي صناعة النفط وأسعارها، كما انها أيضاً صناعة احتكارية . فأسعار الدواء في الولايات المتحدة ثلاثة أضعافها في كندا .
وقد شن الرئيس السابق بيل كلينتون حملة ضخمة من أجل تخفيض هذا السعر عام 1999 لكنه فشل، وهذا يدل على قوة هذا اللوبي وعلى ممارساته الاحتكارية حتى داخل الولايات المتحدة الأمريكية .كما أن هناك تحالفا وثيقا بين شركات الدواء والمحافظين الجدد خلال فترة حكم الرئيس السابق جورج بوش، فعلى سبيل المثال كانت شركات الدواء أكبر متبرع للمحافظين الجدد في انتخابات الكونغرس النصفية عام 2002 التي هيأت للعدوان الأمريكي على العراق، لكن كل ذلك لا يعرف الناس عنه شيئاً، مع انهم يعرفون كل شيء عن هاليبرتون وديك تشيني وشن الحروب للتكسب منها .لكن ماذا يعرف الناس مثلا عن شركة جلعاد (الاسم توراتي اسرائيلي) ورامسفيلد وشن الأوبئة الوهمية مثل وباء إنفلونزا الطيور، ثم وباء إنفلونزا الخنازير الوهميين من أجل التكسب أيضاً؟
الجواب لاشيء .ومع ذلك، فإبان حالة الهلع التي أحدثتها التحذيرات من إنفلونزا الخنازير في الولايات المتحدة، نشرت صحيفة "النيوريوك تايمز" تحليلا ذكرت فيه أن الأزمه الاقتصادية قد أدت إلى تقليص النفقات المالية المخصصة للقطاع الصحي على المستوى الفيدرالي وعلى المستوى المحلي في كل ولاية أمريكية؛ ما أدى إلى فقدان الآلاف من العاملين لوظائفهم رغم أن الحاجة تبدو ماسة لجهودهم في مواجهة وباء إنفلونزا الخنازير، وشككت الصحيفة في مصداقية ما كان يردده كبار المسؤولين في القطاع حول قدرتهم على مواجهة الوباء بالإمكانات الحالية .وقالت الصحيفة ان من الدوافع الاخرى الرغبة في رفع قيمة وأسهم الشركات الكبرى المنتجة للأدوية في هذا المجال، وزيادة الطلب على منتجاتها، فقد ارتفعت أسهم شركة روش بنسبه 4% وأسهم شركة جلاسكو سميث كلاين البريطانية بنسبه 3%، كما ارتفعت أسهم شركة "بيوتا هولدينجز" الأسترالية التي أصدرت ترخيص دواء "ريلينزا" لشركة جلاسكو، وهو مشابه لدواء "تاميفلو" بنسبه 8% .وقال محلل في شركة بريطانية للوساطة المالية في حينه: "إنه ما من شك أن هناك فائدة متصورة فعلية من انتشار الحديث عن المرض" .
تحريف الحقائق
يربط بعضهم بين الاهتمام الإعلامي الكبير بغزو العراق قبل الحرب بكثير وبين التغطية الإعلامية الواسعة لانتشار مرض إنفلونزا الخنازير، في حين لا تركز أغلب وسائل الإعلام على الآراء التي تهون من خطر الفيروس على غرار ميشيل شوسودوفسكي أستاذ الاقتصاد بجامعة أوتاوا الكندية الذي اعتبر أن أغلب ما يعلنه الإعلام بشأن ضحايا إنفلونزا الخنازير يندرج تحت مسمى "تحريف الحقائق" .ويعتبر أنصار هذا الموقف أن إعلان الطوارئ في الولايات المتحدة وتهويل خطر الفيروس جاءا في إطار محاولات تنشيط مبيعات الدواء الذي تصنعه الشركات وعلى رأسها شركة "جلعاد" صاحبة براءة اختراع المصل المضاد لإنفلونزا الطيور والخنازير، والذى يباع في الأسواق باسم "تاميفلو" .اما قصة هذه الشركة فهي ان رامسفيلد كان عضواً في مجلس إدارة شركة أمريكية تعمل فى مجال التكنولوجيا الحيوية فى الولايات المتحدة لها حقوق الملكية الفكرية لتاميفلو، ثم أصبح لاحقا اكبر حامل أسهم بها وتولى رئاسة مجلس إدارتها حتى 2001.
حين تولى وزارة الدفاع الأمريكية .وبالإضافة إلى رامسفيلد كان مجلس إدارة الشركة يضم الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريجان وجيل بونافي الرئيس الشرفي لجماعة "بيدلبرج" المعنية بالتنسيق بين كبرى الدول الأوروبية وأمريكا وروسيا .ونتيجة أوامر وزارة الدفاع الأمريكية بتحصين كل الجنود ضد إنفلونزا الطيور عام 2005 زادت أموال رامسفيلد كثيرا حيث تكلفت الخطة أكثر من 2 مليار دولار أمريكي حصل رامسفيلد على 10% منها أي حوالي 200 مليون دولار كمكسب خاص له .ومن هذا المنطلق يرى البعض وجود علاقات وثيقة بين شركة الأدوية هذه والقادة السياسيين .وكانت مجلة "فورتشن" الأمريكية المهتمة برصد ثروات كبرى الشخصيات والمؤسسات فى العالم، أكدت أن رامسفيلد يمتلك حصة كبيرة من شركة "جلعاد" والتي تعتبر من أكبر شركات التكنولوجيا الحيوية وذات العلاقة الوثيقة بالحياة السياسية في الولايات المتحدة حاليا .وقد شكك كثيرون فى أن اختفاء فيروس الجمرة الخبيثة من معامل الجيش الأمريكي عام ،2001 والخوف الذي ساد حين ذلك يتكرر حاليا، فقبيل تصنيع المصل يتم سرقة جزء من العينات ونشر المرض ليكون الطلب على العقار الجديد كبيرا .
رامسفيلد وشركة جلعاد
في عام 1987 تأسست شركة صغيرة في كاليفورنيا اسمها (Oligogen, Inc) من قبل طبيب صغير السن (29 سنة) اسمه ميشيل رودان، وفي عام 1988 غير ميشيل رودان اسم شركته إلى اسم جلعاد "Gilead Sciences" اسم توراتي)، واختار رامسفيلد ليكون عضواً في مجلس إدارة الشركة وصار الأخير حاملاً لكمية من أسهمها، ولا يخفى على أحد دوافع هذا التعيين لرجل قضى حياته في العمل السياسي والاستخباراتي وحبك المؤامرات وشن الحروب ولم يُعرف أن له نشاطاً علمياً قط . ثم أصبح رامسفيلد رئيسا لمجلس إدارة شركة جلعاد عام 1997. واستمر بهذا المنصب حتى عام 2001 حين صار وزير دفاع الولايات المتحدة الأمريكية وما عرف عن شركة جلعاد انها تعمل في مجال صناعة المضادات الفيروسية بشكل خاص، وقد طورت حتى عام 2006 أحد عشر دواءً، لكن الكنز الحقيقي الذي غيّر واقع الشركة وجعلها في الصدارة هو عقار التاميفلو Tamifluالذي حاز الترخيص في 27 اكتوبر/تشرين الأول 1999 بعد أن دخلت جلعاد بشراكة مع شركة هوفمان - لاروش السويسرية لإنتاجه .وقد بقيت استخدامات هذا العقار محدودة حيث حُصر استخدامه بكل من الإنفلونزا A- B التي لا يلجأ كثير من الأطباء والمرضى لمعالجتها إلا بالمسكنات وخافضات الحرارة . لكن في عام 2005 اجتاح العالم خوف رهيب من وباء مزعوم أطلق عليه اسم "إنفلونزا الطيور" وعلى الفور قفز اسم هذا العقار إلى الواجهة على أنه العقار الوحيد الذي يُنجي من هذا الوباء القاتل .ومع أخبار الوفيات الناجمة عن هذا المرض التي تصدرت الشاشات وملأت ساعات البث سارعت الدول لشراء هذا العقار وتخزينه استعداداً لمجابهة وباء بات على الأبواب، وفي نوفمبر 2005 طلب الرئيس جورج بوش من الكونغرس 7.1 مليار دولار من اجل مجابهة وباء انفلونز الطيور ذهب من هذا المبلغ بليون دولار لشراء وتوزيع عقار التاميفلو مع العلم أن الجرعة الواحدة منه تكلف ما بين 60-80 دولاراً للشخص الواحد، وعلى الفور قفز سعر سهم الشركة الذي كان نطاقه السعري عام 2001 يتراوح ما بين 6.64 إلى 93,،17 لكن بعد الوباء المزعوم صار سعره في عام 2006 من 53-65 دولاراً للسهم الواحد، وكانت التقديرات السابقة تشير إلى أن رامسفيلد يملك أسهماً قيمتها ما بين 5- 25 مليون دولار وبالتالي يكون قد ربح من أزمة إنفلونزا الطيور ما بين ما بين 2.5 - 15 مليون دولار . وبالطبع فإن رامسفيلد ليس المتربح الوحيد من عقار التاميفلو، بل هناك طاقم سياسي كامل في أعلى مواقع القرار السياسي مثل جورج شولتز وزير الخارجية الأمريكي الأسبق الذي ما زال عضواً في مجلس إدارة الشركة، ويُقال إنه ربح بسبب تلك الأزمة 7 ملايين دولار، كما أن هناك عضواً آخر في مجلس الإدارة هو زوجة حاكم كاليفورنيا الأسبق غوفرنر بت ولسون .وعندما عاد الاهتمام بالتاميفلو من جديد بسبب "إنفلونزا الخنازير" ارتفع سهم شركة روش السويسرية كما ارتفع سهم شركة جلعاد من 5 دولارات للسهم إلى 50 دولاراً، وهو ما أثار العديد من التساؤلات والشكوك، خصوصا لو أخذنا في الاعتبار أن صناعة الأدوية في الولايات المتحدة الأمريكية احتكارية وهي الأعلى مردودا والأكثر ربحية وتحقق نتائج بمعدل ضعفي صناعة النفط وأسعارها، وبذلك راكم رامسفيلد وجورج شولتز وطقم كامل من السياسيين مزيداً من الأرباح .الا أن الكوارث المادية والبشرية التى كان من المتوقع ان يتسبب في احداثها هذا الوباء المزعوم لم تتحقق، وتبين فيما بعد ان احتمال الوفاة بسبب إنفلونزا الطيور أقل من احتمال الوفاة دعساً بسيارة مسرعة اثناء السير في الشارع، وأصبح مخزون عقار تاميفلو مهددا بالتلف لارتباطه بمدة صلاحية محددة .وكان اعلان المكسيك عن ظهور إنفلونزا الخنازير بمثابة طوق النجاة لمخزون عقار تاميفلو، الامر الذي ساهم بشكل كبير في ارتفاع اسهم كل من شركة لاروش السويسرية وشركة جلعاد .ووفقاً للاسوشيتدبرس قدر محلل مالي مبيعات التاميفلو آنذاك ب 388 مليون دولار، وهو رقم بالطبع مرجح للارتفاع مع استمرار انتشار الإنفلونزا اما في حال اعلان حالة "الوباء" فان الرقم سيتضاعف .كما ان انتشار إنفلونزا H1N1 ملائم جداً للحكومات التي يمكنها الآن التخلص من مخزون التامفيلو القابع في المستودعات والذي يعود "لحقبة إنفلونزا "الطيور ناهيك عن تسجيل طلبات جديدة . فالحكومة الأمريكية طلبت شحنات من التاميفلو تقدر قيمتها ب 2 بليون دولار في الوقت الذي طلبت الحكومة البريطانية خلال الايام الأولى لانتشار الفيروس شحنات تقدر ب 6,14 مليون دولار . اما مبيعات شركة روش لعقار تاميفلو وحده خلال العام 2008 فقدرت ب 527 مليون دولار.======مؤامرة الغذاء ..
الزراعة المثالية & لعنة اﻷدوية المثالية : في البداية، قُدمت المبيدات والأسمدة الكيماوية، خداعاً، للمزارعين الغافلين بحجة أنها توفّر اندفاعاً ثورياً لزيادة منتوج وجودة محاصيلهم الزراعية خلال فترة سنوات قصيرة. لكن هذا الهدف القصير المدى خلف وراءه تربة زراعية متآكلة وفقيرة، وبالإضافة إلى مياه جوفية ملوّثة ومقاومة هزيلة للمزروعات أمام الأمراض والطفيليات المؤذية. والأمر الذي يدعو للسخرية (والحزن بنفس الوقت) هو أنه قبل طرح المبيد الكيماوي DDT في الولايات المتحدة لأوّل مرّة (عام 1946م)، كان المزارعون الأمريكيون يخسرون ما يعادل ثلث محاصيلهم سنوياً بسبب الحشرات والأعشاب الضارة والأمراض المختلفة. لكن بعد استخدام مبيدات كيماوية حشرية وفطرية وعشبية، والتي تكلّف المزارعين الأمريكيين 4 مليار دولار سنوياً، لازال المزارعون يخسرون ثلث المحاصيل! (المرجع: U.S. News & World Report, 9/14/92) هذا يعني أن المواد الكيماوية لم تغيّر شيئاً في نسبة الخسارة بل زادت الأمر سوءاً، حيث تساهم الآن في خسارة المال وكذلك تدمير البيئة. لكن من له مصلحة في توعية المزارعين ودعوتهم للصحوة من نومهم واتخاذ الإجراءات اللازمة حيال هذه المسألة؟ من يستطيع الوقوف في وجه هذا الاقتصاد الكيماوي العملاق الذي زرع مفاهيمه العلمية الشاذة في المناهج المدرسية والكليات الزراعية، وحاز على تراخيص قانونية ودعمته التشريعات الحكومية الباطلة والهالة الإعلامية المزيّفة، وتحوّل مع الوقت إلى وحش مفترس لا يرحم خصومه ومعارضيه؟! في كل عام، تساهم الوسائل الزراعية العصرية في تدمير القدرة الحيوية "بعيدة المدى" للحقول الزراعية على إنتاج الأغذية الصحّية والطبيعية، حيث أن ما يعادل 90% من المزارعين العصريين (98% في أمريكا وحدها) يلجؤون إلى الأدوية الكيماوية، إن كان سماداً أو مبيدات. يُقدّر "مجلس الدفاع عن المصادر الطبيعية" في الولايات المتحدة The Natural Resources Defense Council estimates، بأن حوالي 845 مليون رطل من المبيدات الكيماوية تُستخدم في المزارعة الأمريكية سنوياً. كما أن المركز الأمريكي لخدمة الأبحاث الاقتصادية Economic Research Service ، قدّر بأن 45 مليار رطل من السماد الكيماوي يُكبّ في الأراضي الأمريكية سنوياً. في العام 1990م، لم يبقى سوى نسبة 2% من المنتجات الزراعية الأمريكية النامية عضوياً (خالية من الكيماويات). لكن رغم ذلك، يبدو أن المزارعين العضويين صامدون أمام الحملات الإعلامية والتثقيفية المزوّرة التي تجريها الشركات والحكومة بهدف التحوّل للكيماويات. وليس هذا فحسب، بل يبدو أن هؤلاء المزارعون الحكماء لم يبدوا أي إشارات تدلّ على أنهم سيخرجون من السوق مدحورين، كما يحصل حالياً مع الكثير من المزارعين الكيماويين! والسؤال الكبير الذي يفرض نفسه هو: هل الزراعة العضوية مربحة أكثر أو أقلّ من الزراعة الكيماوية؟ على مدى السنوات الماضية، كانت التقارير الرسمية الحكومية تعمل جاهدة على إقناع المزارعين الغافلين بأن الزراعة العضوية لا تضاهي الزراعة الكيماوية بأي شكل من الأشكال من ناحية الإنتاج. لكن يبدو أن هذا غير صحيح إطلاقاً. فمثلاً، في أيلول من العام 1989م، أصدر مجلس قسم الزراعة في الأكاديمية الوطنية للعلوم National Academy of Sciences' Board on Agriculture تقريراً شاملاً يدعم مزاعم ووجهات نظر المزارعين الذين لا يستخدمون الكيماويات (أو القليل منها) في زراعتهم، وكانت نسبة إنتاجهم مساوية لنسبة إنتاج المزارعين الكيماويين.. الطن مقابل الطن من المحاصيل. راح هذا التقرير، المؤلف من 448 صفحة، يمدح الممارسات الزراعية المتناغمة بيولوجياً (منها العضوية)، ويوصي السياسات الفدرالية بأن توليها الدعم الكافي بدلاً من عدم تشجيعها كما تفعل الآن. وفي الأوساط المطلعة على شمولية الموضوع، لم يأتي هذا التقرير بما يفاجئهم، لأنهم يعلمون هذه الحقيقة من قبل. لكن الأمر المؤسف هو أن وسائل الإعلام التي من المفروض أن يكون واجبها تنوير الجماهير وتثقيفها لم تأتي على ذكر هذا التقرير أبداً، وبالكاد علم المزارعين بهذه الحقيقة. وبالتالي، بقيت لعبة الخداع مستمرّة. من خلال الطرق الالتفافية الماكرة المألوفة لدى كافة الشركات الكبرى، غالباً ما تبيع الشركات الكيماوية "المبيدات السامة"، المحظورة أساساً في الولايات المتحدة، إلى بلدان أخرى متحررة من هذا الحظر القانوني. لكن الحكومة الأمريكية ليست بريئة من هذه اللعبة الخسيسة، حيث أن "القانون الفدرالي المتعلّق بالمبيدات الكيماوية على أنواعها" FIFRA يسمح للشركات بتصنيع هذه المبيدات المحظورة على الأرض الأمريكية بشرط أن يتم تصديرها للخارج حصراً! أما البلدان التي تشتري هذه الكيماويات السامة، فتقوم، عن جهل أو معرفة بالأمر، بتسميم شعوبها، وليس هذا فحسب، بل تعيد بيع المنتجات الزراعية المسمومة للأسواق الأمريكية الداخلية، مكملة بذلك الدورة التسميمية! في العام 1988م، قامت وكالة EPA بمنع كافة المبيعات الداخلية لمادتي "الكلوردين" chlordane و"الهيبتاكلور" heptachlor، لكن منظمة "غرين بيس" Greenpeace قدمت تقريراً يكشف عن أنه بين العام 1987 وأواسط العام 1989، صدّرت شركة "فلسيكول" Velsicol (المصنّعة للمبيدات الكيماوية) أكثر من 5 ملايين رطل من هاتين المادتين إلى أكثر من 25 بلداً! ونوّهت "غرين بيس" أيضاً إلى أن شحنتين من لحوم "الهندوران" Honduran beef، التي تم استيرادها وبيعها في الأسواق الداخلية الأمريكية في العام 1991 تحتوي على مستوى "الكلوردين" و"الهيبتاكلور" أكثر بـ8 مرات من المسموح به قانونياً. وقد تم اكتشاف التلوّث بمادة "الهيبتاكلور" في فاصوليا "الغاربانزو" garbanzo beans، وكذلك الجزر والأناناس والجبنة المستوردة. أليس من الواجب على "القانون الفدرالي المتعلّق بالمبيدات الكيماوية على أنواعها" FIFRA أن يوقف هذا الجنون؟ في مقاطعة "جيانغسو" Jiangsu الصينية، يُصاب معدّل 27.000 شخص سنوياً بالتسمّم نتيجة المبيدات الكيماوية، و10% منهم يموتون. وقدّر أحد التقارير الصادرة عام 1987 من الأكاديمية الوطنية للعلوم (أمريكا) بأن المبيدات الكيماوية قد تكون السبب الرئيسي في 1.4 مليون حالة سرطان بين الأمريكيين المصابين، بينما التسمم بالمبيدات الكيماوية الذي يصيب المزارعين في كاليفورنيا يُعتبر الحالة المرضية الأكثر شيوعاً في تلك الولاية. لقد أثبت التعامل مع هذه المبيدات الكيماوية حول العالم بأنها أكثر من خطيرة بل قاتلة من كافة النواحي. ليس هناك أي فرصة لهذا الكوكب أن يستمرّ في البقاء حياً لمدة طويلة إذا استمرّ التداول بالمبيدات الكيماوية في المجال الزراعي. عندما نأخذ بعين الاعتبار حقيقة أن 1% فقط من المبيدات المرشوشة على النباتات تصل للحشرات التي صًممت لقتلها، حينها سنفهم ماذا تفعل النسبة الباقية (99%) بالهواء والتربة والماء والغذاء الذي تلوّثه. الكيماويات المرشوشة فوق المزارع تساهم في تلويث المياه الجوفية، وتزيد من نسبة التعرية، وتجرّد التربة من الحيوية، كما تقتل الحياة البريّة التي تعتبر مهمة في إكمال دورة الحياة. لكن رغم هذا كله، فقد وجد المزارعون البسطاء أن شراء الكيماويات ورشّها في مزارعهم أسهل بكثير من إجهاد عقولهم في استيعاب آلية عمل الزراعة العضوية. والجميع طبعاً يفضّل الطريق الأسهل. من الواضح أننا بحاجة إلى إعادة تثقيف في المجال الزراعي قبل البدء بتطبيق الزراعة العضوية بشكل سليم. هناك الكثير من المزارعين الذين يتركون مزارعهم بسبب الفوضى التي سببها اقتصاد المبيدات الكيماوية وأفكارهم الزراعية الملتوية التي تنشرها في الأكاديميات والإرشادات الزراعية. لقد أصبحت زراعة الحقول وصيانتها مكلفة جداً. ففي أمريكا وحدها، أكثر من 600.000 مزارع هجروا حقولهم بين العامين 1981 و1988. لكن من ناحية أخرى، وبما أن المستهلكين أصبحوا بدرجة متقدمة من الوعي وراحوا يطالبون بأغذية رخيصة غير سامة، فلا بد من أن المزارعون يتجاوبون مع طلب السوق وبالتالي يتوقفون عن استخدام المواد الكيماوية المسرطنة والإضافات المُقدمة للحيوانات ومواد أخرى تتحكم بنمو النباتات بشكل غير طبيعي. بما أنه وجب تنبيه المزارعين والمستهلكين عن مدى خطورة الكيماويات المُستخدمة، وجب إقامة حملة تثقيف واسعة ومكثّفة. لكن من سيقوم بهذا العمل النبيل الذي يكلّف الكثير من الأموال؟! كافة القوانين والتشريعات الحكومية الرسمية تصب في مصلحة الشركات الكيماوية. كافة ليس هناك أي قانون صارم يضبط عملية دسّ السموم الكيماوية في المزروعات والمواد الغذائية المُصنّعة (المعلبات). ولسوء الحظ، فهذه الشركات الكيماوية العملاقة شكّلت لوبيات سياسية قوية تحمي حقّها الشرعي والقانوني لتسميم العالم! فقد اجتمع الكثير من هذه الشركات العملاقة لتشكّل كتل قوية جداً، مثل CSPP (الائتلاف من أجل سياسة مبيدات معقولة)، وتمثّل مجموعة لوبية قوية تهدف إلى إبقاء هذا الاقتصاد المسمّم نشطاً وفعالاً. لكن لحسن الحظ، نشأ في العام 2003م تكتّل مضاد لهذه المجموعة اللوبية القوية، واسمه "الائتلاف الوطني ضدّ سوء استخدام المبيدات الكيماوية" NCAMP. وهدفه هو وضع حدود لجموح اقتصاد الكيماويات الذي كاد يكتسح كافة مجالات الحياة وليس فقط الزراعة. الحشرات المؤذية لا تظهر على النباتات بسبب غياب المواد الكيماوية كما جعلونا نعتقد. كما جعلونا أيضاً نعتقد بأن ألم الرأس سوف لن يزول إن لم يتوفّر الأسبرين. إذا تم تحسين حيوية وصحّة المزروعات، فسوف تصبح تلقائياً أكثر مقاومة للطفيليات كما يفعل الجسم السليم والمعافى في مقاومة المرض. إن العادات الزراعية العقلانية تساهم بشكل كبير في المحافظة على حيوية الحقول وبالتالي زيادة مناعتها ضّد الأمراض والطفيليات. لقد زادت مبيعات المبيدات الكيماوية عشرة أضعاف منذ الحرب العالمية الثانية، لكن بنفس الوقت، الضرر الذي أصاب المزروعات نتيجة المبيدات الكيماوية زاد ضعفين. ورغم ذلك، لازالت اللعبة تجري دون حسيب أو قيب. وسائل بديلة للزراعة النظيفة الخالية من المواد الكيماوية التحكّم بمصادر المياه ووسائل الريّ : في الوقت الذي راح المحللون السياسيون والمفكرون الإستراتيجيون المحترمون يتنبؤون بأن القرن القادم سيسوده الحروب الحول مصادر الماء، في هذا الوقت بالذات، يتم قمع وإخفاء تقنيات وطرق سهلة يمكنها استخلاص المياه من الهواء بسهولة، إن كانت بواسطة تكثيف الهواء، أو بواسطة صناعة الأمطار، أو أساليب أخرى لم تخطر لنا بسبب جهلنا التام عن المفهوم العلمي الذي تستند عليه. يمكن لهذه الوسائل أن تكفي حاجات العالم من المياه، إن كانت للزراعة أو الاستخدامات المنزلية. لكن يبدو أن هذا لم يناسب النخبة العالمية التي تريد الإبقاء على السيطرة من خلال الحروب والنزاعات حتى لو أدى هذا إلى دمار البيئة بالكامل. براءات اختراع لاستخلاص الماء بوسائل وتقنيات تقليدية وغير تقليدية . الهندسة الجينية واحتكار البذور : إحدى الأمثلة التي لا يمكن تصديقها حول استغلال بلدان العالم الثالث بالتحديد هو القضاء بشكل منظّم على البذور الزراعية الطبيعيّة، واستبدالها ببذور معدّلة جينياً ومسجلة وفق براءات اختراع وحمايات ملكية فكرية وغيرها من احتكارات. ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة فقد اختفى 75% من التنويعات الوراثية للمحاصيل الزراعيّة خلال هذا القرن. وفي بريطانيا فقد تم سحب 1500 من أنواع البذور ’الغير مصادق عليها’ من تداول المزارعين. أما الآن وبدلاً من استخدام البذور المتنوعة الوطنية، فإنّه ينبغي على بلدان العالم الثالث دفع المال للشركات متعددة الجنسيات مقابل الحصول على البذور المعدّلة وراثياً، والتي أُنتجت كيماوياً ووزعت من قبل نفس الشركات، رغم أن هذه البذور لا تجدي نفعاً في بيئة العالم الثالث. وكمحصلة لكل هذا فإن نفس الناس يتحكمون بالغذاء الحقيقي الذي نتناوله -حيث تتركز90% من تجارة المواد الغذائية بيد خمس شركات عملاقة متعددة الجنسيّات! وتخضع 50 % منها لسيطرة شركتي يوني ليفر Unilever، ونستله Nestle وحدهما
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق