الخميس، 28 مايو 2015

رياح "الحزم" تعصف بسوريا انطلاقاً من جسر الشغور والقلمون

رياح "الحزم" تعصف بسوريا انطلاقاً من جسر الشغور والقلمون

كثر الحديث في الأونة الأخيرة عن انتقال "عاصفة الحزم" العربية من اليمن جنوباً إلى الشام شمالاً، وذلك بعد أن غدت القضية السورية من أكثر قضايا المنطقة استعصاءً على الحل، وأكبر التحديات الإقليمية وخاصة لدى الجار التركي والحليف السعودي العريق.
إلا أنه يبدو أن هناك "حزماً إقليمياً" شهدته الأراضي السورية، أفادت به مصادر في المعارضة السورية لـ"الخليج أونلاين"، بأن تركيا ساهمت عسكرياً في معركة جسر الشغور التي جرت في الثاني والعشرين من الشهر الماضي، كما أن الطيران الذي استهدف رتلاً لحزب الله في القلمون لم يكن طيراناً إسرائيلياً بل هو مجهول الهوية ويرجح أن يكون عربياً.
- حزم في جسر الشغور
وذكر "أبو يوسف" وهو الاسم الذي يكنى به، وهو أحد قادة جيش الفتح الذي أصبح القوة الضاربة للثورة السورية، والموجود في شمالي سوريا ومنطقة القلمون، في حديث لـ"الخليج أونلاين"، أن قوات الجيش التركي أسقطت طائرتين عسكريتين لجيش الأسد، كانتا تشاركان في المعارك ضد قوات المعارضة الشهر الماضي، سقطتا بالقرب من مناطق المعارك في جسر الشغور.
map-1 (2)
وكان الثوار السوريون قد تمكنوا من تحرير مدينة جسر الشغور الاستراتيجية بعد سلسلة معارك عنيفة استمرت عدة أيام وسط المدينة، إثر حالة من الانهيار لحقت قوات الأسد ما تسبب بتراجعها بشكل مستمر، كما أنها تكبدت نحو 250 قتيلاً.
وتعد مدينة جسر الشغور الشريان الرئيسي لقوات النظام في ريف إدلب لقربها من مدينة اللاذقية، وقد حصنها بترسانة عسكرية مدعمة بمختلف أنواع الأسلحة، كما أن تحرير المدينة، يعني بدء مرحلة جديدة من المعارك، والانتقال للقرى التي تتضمن أكبر خزان بشري وعسكري لقوات النظام، إضافة إلى الاتجاه نحو "سهل الغاب".
- طيران مجهول
وعلى صعيد متصل تابع القيادي في جيش الفتح كلامه بالقول: "إن طيراناً مجهول الهوية يرجح أنه "عربي" هو من قصف رتلاً عسكرياً مسلحاً بالقرب من منطقة القلمون على الحدود السورية - اللبنانية"، نافياً أن يكون الطيران الإسرائيلي هو من قام بذلك.
وأضاف: "تم استهداف شاحنات محملة بالأسلحة، متوجهة إلى داخل القلمون، ما أدى إلى مقتل عدد من عناصر حزب الله".
map-2 (1)
تنبع أهمية القلمون من أنها القاعدة الخلفية وخزان الإمداد الرئيسي البشري والعسكري لدمشق وريفها؛ وللمنطقة الوسطى في سوريا، ولمناطق في البادية شرقاً، إذ إنها منطقة تمتد من الدريج جنوباً على بعد بضعة كيلومترات من دمشق وحتى البريج شمالاً قبيل القصير بكيلومترات.
وهي إلى ذلك عبارة عن شريط استراتيجي بطول نحو 120 كم وعرض نحو عشرة كم في بعض المناطق، ونحو 35 كم في مناطق أخرى بمساحة تبلغ 25 ألف كم مربع، يحده من الغرب سلسلة جبال لبنان، ومن الشرق الطرق المؤدية إلى بادية الشام، مع مجموعة كبيرة من القرى والمدن الصغيرة.
- ترتيب البيت المعارض
واعتبر جواد أبو حطب عضو الائتلاف الوطني السوري في تعليقه لـ"الخليج أونلاين" على ما جرى في القلمون وجسر الشغور، "أن هناك سياسة إقليمية أكثر جدية وحزماً في التعاطي مع الأزمة السورية، بدأت تباشيرها بالظهور في كل من معارك حلب وإدلب والقلمون".
وأضاف: "هناك رغبة إقليمية وخاصة تركية - سعودية - قطرية، لوضع حد لما يجري في سوريا، مع أو بدون الولايات المتحدة، التي ما زالت مترددة حيال الوضع هناك، الذي أدى إلى تدهور الأمور على النحو الذي نراه اليوم".
43E2DE93-607E-4E9B-8C7B-26E2AB807FC8_mw1024_mh1024_s
من جهته قال محمد آل زلفة، عضو مجلس الشورى السعودي السابق: "إن السعودية ملتزمة بدعم الثورة السورية حتى انتصارها، وهناك توجه سعودي أكثر حزماً لدعم فصائل المعارضة المسلحة المعتدلة، وذلك بالتعاون مع المعارضة السورية والقوى الإقليمية".
وأضاف لـ"الخليج أونلاين": "اليوم هناك إصرار سعودي لوضع حد لشلال الدماء في سوريا، وذلك بالتعاون والتنسيق مع الدول الإقليمية لا سيما تركيا وقطر".
وتابع: "تتم الآن جهود سعودية لإعادة ترتيب البيت السوري المعارض سياسياً وعسكرياً، وهو ما ستظهر نتائجه في مؤتمر الرياض للمعارضة، من أجل العمل على بلورة رؤية مشتركة تطلق حراكاً سياسياً دولياً من شأنه أن يدفع باتجاه اتخاذ مواقف دولية أكثر حزماً".
- تحرك دون واشنطن
وتلقت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما، العديد من الانتقادات من دول الإقليم، بسبب موقفها "الرخو" تجاه ما يجري في سوريا؛ كما حمله عدد من الأمريكيين المسؤولية عن تدهور الوضع إلى الحد الذي أدى لظهور تنظيمات متطرفة كتنظيم "الدولة"، على الرغم من قيام الولايات المتحدة بتزويد الثوار السوريين بصاروخ تاو المضاد للدروع، الذي كان له دور حاسم في المعارك في إدلب وجسر الشغور.
وفي هذا السياق يرى مارك هامبلي، السفير الأمريكي السابق في عدد من الدول العربية، ومدير مركز القرن القادم السياسي، "أن إدارة أوباما وحدها تتحمل مسؤولية ظهور التطرف والإرهاب بالشرق الأوسط".
وتابع في مداخلته مع "الخليج أونلاين": "بصمت أوباما على جرائم النظام السوري التي حملت معنى طائفي، وفي ظل سعيه الحثيث للتقرب من إيران التي باتت تشكل خطراً على الأمن الإقليمي لدول المنطقة لا سيما الخليج، أرسل رسالة مفادها أن الرؤية الأمريكية تجاه ملفات المنطقة متطابقة تماماً مع الرؤية الإيرانية، وهو ما أشعل موجة استياء سعودية - قطرية - تركية ضده".
85245581
وأضاف: "كل المؤشرات في المنطقة تشير إلى أن هناك تحالفاً جدياً من أجل سوريا قد نشأ بين تركيا والسعودية وقطر، وأن هذا التحالف سوف يتصرف بمعزل عن الرؤية الأمريكية حول سوريا وقد يكتفي فقط بإخطارها بالتحركات ضد الأسد".
واستطرد السفير الأمريكي السابق بالقول: "أنا لن أستغرب إن شاركت بالفعل قوات عربية وتركيا أو أي دولة من دول الإقليم في المعارك في سوريا مؤخراً، لكن في المقابل على هذا التحالف أن يعي أن الولايات المتحدة لا تريد التورط في المستنقع السوري، لكنها أيضاً لن تمانع بتورط أحد غيرها فيه".
ولفت هامبلي إلى أن "الحرب السورية أشبه باللعب على رقعة الشطرنج، حيث تقاتل القوات الحكومية وحزب الله وداعش وجماعات المعارضة الأخرى، التي هي في حالة تناحر داخلي مع بعضها البعض، ما يعني أن من سيتدخل عليه أن يتحمل تبعات ذلك التدخل الذي بالتأكيد لن تكون بسيطة على الدول الثلاث".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق