كذبة الأبناك الإسلامي
ة
ظهرت بعض المسميات بلباس إسلامي، كالبنوك الإسلامية، البورصات الإسلامية، الشركات المساهمة الإسلامية، الديمقراطية الإسلامية، .. و استبشر الناس بها خيراً، وظنّوا أنها سوف تقضي على النظام الربوي، وسوف تحلّ محلّه بوصفها البديل المناسب للنظام المصرفي الربوي، وكان من أخطر هذه المفاهيم التي ظهرت ما يُسمّى (بالبنك الإسلامي)، فما هي حقيقة هذه البنوك، وما هو الهدف الحقيقي من إنشائها، وهل صحيح أنها قائمة على أحكام الإسلام كما يدّعي أصحابها؟! السؤال:هل يكفي الاسم الإسلامي الذي يُطلق عليها لإعطائها شهادة حسن سلوك، أو شهادة براءة من الربا؟الشيخ الألباني رحمه الله قال «… أنه لا فرق بين هذه البنوك التي ترفع شعارها الإسلامي؛ فلا فرق بين بنك إسلامي وبنك بريطاني أو أميركي إطلاقاً لأن النظام واحد، لكن مع الأسف قد يكون البنك الذي أعلن بأنه بنك إسلامي أخطر من البنوك الأخرى، سواء أكان في بريطانيا أم أميركا؛ ذلك لأن هذه البنوك تتستّر بستار الإسلام ؛ فهي تفعل فعل اليهود الذين حُذِّرنا كتاباً وسنة من اتباع سننهم..». إذا نظرنا في واقع البنك الإسلامي فإننا نرى أن أصل التسمية ليست من حضارة المسلمين، ولا من طريقة عيشهم، ولا من الأصول الشرعية المتعلقة بشؤون المال والأعمال.. فكلمة بنك أصلاً في المصطلح الغربي معناها وواقعها مؤسسة ربوية، ولا يوجد أي تجانس بين الواقعين أو بين المفهومين؛ أي بين كلمة بنك وكلمة إسلامي- وعملية المزج بينهما هي عملية تضليلية من أجل تحسين صورة هذا المفهوم في نظر الناس، ومن أجل كسر الحاجز بين المسلمين وبين هذا المفهوم الذي وردت آيات صريحة صحيحة تدل على جرمه العظيم…وإلباس هذه الكلمة اللباس الإسلامي لا يجعلها إسلامية؛ لأن حقيقة الجوهر هي فاسدة ابتداءً، هذا عدا عن المعاملات التي تتمّ داخل هذه البنوك؛ سواء المتعلقة بالربا أم بغيره من معاملات فاسدة..كيف؟ عند البحت تجد هاته الأبناك الإسلامية تتعايش مع الأبناك الربوية‹‹مثلا أن بنك المغرب من سيارقب الأبناك الإسلامية›› (رغم أن تسمية البنك ببنك المغرب هي خدعة أخرى و موضوع آخر)، و إذا بحَثَّ جيدا ستجد أن هاته الأبناك الإسلامية لها حسابات في أبناك ربوية، لكــــــــن الأخطر و الخطيــــر أن الذين نظّروا للأبناك الإسلامية هم غير الذين امتلكوها، فالمنظّرون لها هم أشخاص أُطلق عليهم اسم «الآباء المؤسسون»، لمس منهم البعض نية جدية، وكانت نظرتهم إلى عمل الأبناك الإسلامية باعتباره رسالة مرتبطة بالدين، وبكونه تطبيق جزئية من جزئيات الاقتصاد الإسلامي، وأن جهودهم كان دافعها تطبيق هذه الجزئية بقصد إزالة الربا من المجتمع، ولإثبات صلاحية الإسلام للتطبيق في كل زمان ومكان، خاصة ما يتعلق منه بالشق المالي المصرفي. إلا أن بعض رجال الأعمال تلقَّفوا الفكرة، وأخذوا نظريات المنظّرين واستغلوها لمصالح خاصة بعيدة عن الهدف الذي انطلق منه المنظّرون. وبناء على ذلك الموقف من قبلهم، ينبغي على المتحمسين لهذه التجربة التفريق بين العمل الرسالي، والعمل التجاري، وأن لا يخلطوا بين العاطفة والفكر السليم، أو بين العاطفة والعلم. وقد يسأل المرء نفسه السؤال التالي: هل قامت هذه المصارف لإزالة الربا، وأين وصلت في ذلك؟ وهل تكون المفاضلة بين العمى ونصف العمى، أي بين الربا ونصف الربا؟ إن ما تنشره المصارف الإسلامية عن توظيفاتها في الكتيبات الصادرة عنها، والمنشورات، والصحف، والمؤتمرات، كان كلاماً في العموميات، لكي لا تكشف عن الواقع الفعلي المطبّق، والارتكابات المخالفة للشرع، إضافة إلى أن تقارير نهاية العام التي تصدرها مكاتب المراجعة وتدقيق الحسابات التي تتضمن الميزانية العمومية والقوائم المالية الأخرى مليئة بالغموض، والأرقام الإجمالية، والتسميات الفضفاضة، ولا يفهم القارئ المتخصص ماذا تخفي هذه الأرقام، بل إنها تثير التساؤلات أكثر مما تفصح بشفافية عن طريقة جمع هذه الأرقام الواردة في الكشوفات المالية المعلنة للرأي العام، ولا تجيب عن التساؤلات التي تثار حول أنواع التوظيفات والتمويلات التي حققت هذه الأرباح! ومع مرور الأيام والسنين تتكاثر وتتعدد المعاملات الجديدة المصنّعة، ويتكرس تقليد كل جديد ظهر في المعاملات المصرفية الغربية، ويندفع اللاهثون وراء غطاء من التأييد الشرعي. ويتصرف البعض وكأنه من واجب الشرع مساعدته في البحث عن حلول ملتوية لغايات شخصية، أو البحث عن مخارج للهروب من الحرام بارتكاب بعض التلفيق. الحقيقة أن البنوك المسماة إسلامية مخالفة للإسلام في عدة أحكام، نحاول حصرها في الأمور التالية: 1- طريقة التأسيس 2- المعاملات الداخلية 3- المعاملات الخارجية 4- فتاوى وأقوال لعلماء معاصرين تتعلق بحرمة هذه البنوك والتعامل معها… أما ما يتعلق بالجانب الأول: فإن طريقة تأسيس البنوك الإسلامية قائم على أساس طريقة تأسيس الشركة المساهمة الرأسمالية، وهذه الشركات تخالف – كما نعلم – الطريقة الشرعيّة في تأسيس الشركة في الإسلام، حيث إنها عبارة عن شركة أموال خالية من عنصر البدن(شركات رأسمالية مساهمة)، والمساهمون في هذه الشركة غير منضبطين، وغير معروفين لدى المساهمين الآخرين، أما التحكم بهذه الشركة فإنه مرهون بالهيئة التأسيسية للشركة، ولا قيمة للمساهمين في قرارات هذه الشركة إلا بقدر رأس المال الموجود باسم المساهم.. أما بالنسبة لرأس مال هذه الشركة والأعمال التي ستقوم بها مستقبلاً فإنها مفتوحة غير محدّدة، وهي رهن بعدد المساهمين الجدد، ورهن بقرارات اللجنة التأسيسية؛ فأحياناً تقبل ودائع المساهمين أو المودعين، وأحياناً تقترض من البنوك الربوية، وأحياناً تقترض من البورصة، وأحياناً أخرى تقترض من شركات برباً مركب.. وهكذا فان رأس مالها ليس منضبطاً ولا معروفاً معرفة تنفي عنه الجهالة أو الشبهة .. هذا من حيث طريقة التأسيس لهذه الشركات المسماة بالبنوك، أما أعمالها فإنها تنقسم إلى قسمين، الأول: يقوم به البنك مع زبائنه، والثاني: يقوم به البنك مع مؤسسات وهيئات مالية خارجية كالبنوك والبورصات والشركات الأخرى.. أما المعاملات الداخلية لهذه البنوك فهي كثيرة أبرزها: البيع والشراء، الإقراض، الشراكة، الإيداع من أجل تشغيل الأموال، الكفالات والتأمينات بأنواعها… أما بالنسبة للبيع والشراء بواسطة البنك، أو عن طريقة مباشرة فإنها معاملات باطلة سواء أسميت بعقود البيع للآمر بالشراء، أم سميت مرابحة أم غير ذلك، وسواء أصدرت فتاوى تُضفي اللباس الشرعي على مثل هذه المعاملات أم لم تصدر.. فعقود البيع والشراء التي تتم عن طريق البنك الإسلامي ينقصها أركان وشروط البيع الصحيح، وهي الإيجاب من قبل البائع أو المشتري، والقبول من قبل البائع أو المشتري، وأن يكون محل المعاملة (العقد) جائزاً شرعاً، وأن يستوفي هذا العقد الشروط الشرعية.. فالبيع الذي يتم عن طريق البنك الإسلامي لم يحصل فيه إيجاب وقبول صحيح؛ لأنه أولاً صادر عن هيئة اعتبارية تُجري العقود، وليس صادراً عن شخصية حقيقية أو وكيل عنها، ولأنه أيضاً معلّق على إحضار السلعة، أو قد يكون وعداً بالبيع، رغم أن البنك يُجري هذا العقد ويتمّ كتابته والإشهاد عليه وغير ذلك من إجراءات كتابة العقود، ولا يوجد هناك عقد صحيح ..لأن السلعة غير مملوكة أصلاً لدى البنك، وبالتالي فالإيجاب والقبول تم على معدوم أو مجهول، وهذا خلل في شروط العقد.. والصورة في عملية الشراء عن طريق البنك أن يذكر المشتري حاجته من السلعة للبنك، ثم يوقّع عقد الشراء ويحدد المبلغ لقيمة السلعة، وكلّ إجراءات البيع القانونية، وتكون السلعة غير مملوكة لدى البنك، حيث يقوم البنك بعد ذلك بشراء السلعة بناءً على طلب المشتري بعد استكمال كل إجراءات العقد، وهذا يجعل الإيجاب والقبول في أصله باطلاً شرعاً، لأن عقد البيع بين المشتري وبين البنك قد تمّ على موصوف ليس مملوكاً في اليد . أما بالنسبة لإجراءات البيع وتوابعه فهي أيضاً باطلة ولا تجوز، حيث يتمّ رهن المبيع لدى البنك، بحيث يكون صاحب السلعة (المشتري) عاجزاً عن إجراء أية معاملة تتعلق بهذه السلعة حتى يتم تسديد كامل الأقساط، وهذا خللٌ كبير في عملية التملك للمبيع، وهو شرط دخل في عملية البيع نفسها جعلها خالية من حقيقة منفعة التملك والتصرف في المملوك، وهذا باطل شرعاً .. وهناك شرط آخر يشترطه البنك ويدخل في معاملة البيع وهو أيضاً باطل لأنه يجعل العقد الواحد عقدين أو أكثر في آن واحد، وهو زيادة المبلغ في حال العجز عن السداد في المدة المحددة، أو أخذ السلعة من قبل البنك بسبب عقد الرهن، وهذا كله يخالف الشرع في معاملات البيع جملة وتفصيلاً … فعقد البيع لا يجوز تغييره بعد الانعقاد، فإن أُجري إلى سنة فهو إلى سنة، وإن أجري إلى شهر فهو إلى شهر، أما القول: هذه سلعة بعشرين إلى سنة، وإذا زادت المدة فإن كل شهر بعشرة، فهذا باطل ولا يجوز لأنه تعدّد للعقود في عقد واحد إلى عدة عقود، ولأن فيه جهالة في مدة العقد وقيمة السلعة .. والله سبحانه يقول بحق من يعجز عن السداد وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ لا أن تزيد عليه المبلغ والمدة.. فالعقد الصحيح للمرابحة هو أن يتم اتفاق بين راغب الشراء وبين تاجر (بائع) فيبلّغ الراغب بالشراء( الآمر بالشراء) التاجر عن سلعة موصوفة يرغب بشرائها، ويتم الاتفاق بين الراغب بالشراء وبين التاجر على شراء السلعة -بعد أن يمتلكها التاجر تملكاً تاماً، وتصبح في ذمته- بربح معين يتفق عليه الطرفان .. فالضوابط الشرعية لهذا العقد غير موجودة عند البنوك المسماة إسلاميّة وهي : – 1-وجود راغب بالشراء (آمر بالشراء) ووجود تاجر (آمر بالبيع) . 2-وصف السلعة من قبل الآمر بالشراء . 3-الوعد من قبل الآمر بالشراء بالمرابحة للتاجر بقدر معين من المال ولا يدخل هذا الأمر في عقد ملزم وإنما هو وعد فقط . 4-أن يقوم التاجر بتملك السلعة تملكاً تاماً قبل إجراء أي عقد بينه وبين الآمر بالشراء. 5-يجري العقد بين الآمر بالشراء وبين التاجر (الآمر بالبيع) بعد تملك السلعة ملكاً تاماً ووجودها بحوزته، ويجب أن يستوفي هذا العقدُ الشروط الشرعية الكاملة من حيث نفي الجهالة عن الثمن، ونفي الجهالة عن المدّة في السداد، بحيث لا تكون المدة قابلة للتمديد في نفس العقد. 6-يشترط أن يتملك المشتري السلعة ملكاً تاماً بعد إجراء عقد الشراء، ويتصرف بالسلعة تصرف المالك في ملكه، ولا يجوز رهنها ولا تعليق شروط بحقها سوى عقد الشراء . 7-لا يجوز زيادة السعر إذا زادت المدة على الأجل المعقود عليه لأن هذا يعتبر اتفاقاً جديداً يخالف الاتفاق الأول، فلا يجوز أن يقال هذه السلعة بعشرة دنانير إلى ستة أشهر، وإذا زادت فكل شهر بدينار، فهذا مخالف لعقود البيع ويعتبر عقدين في عقد واحد، وهو باطل عند جميع الفقهاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق